مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم
123ـ يا فاطمة لا تبكي
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾. يُدَاوِلُ تعالى الأَيَّامَ بَيْنَ النَّاسِ، فَلَهُ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، يَأْذَنُ اللهُ تعالى بِنَصْرِ هَذَا الدِّينِ فَيَنْتَصِرُ، ثُمَّ يَأْذَنُ بِغَلَبَةِ الكُفَّارِ فَتْرَةً فَيَغْلِبُونَ، وَلَكِنْ بِدَايَةً وَنِهَايَةً: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. بِدَايَةً وَنِهَايَةً ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
يَجِبُ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، عِنْدَمَا يَنْصُرُونَ اللهَ تعالى بِتَحْلِيلِ الحَلَالِ، وَتَحْرِيمِ الحَرَامِ، وَالوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهِ، يُكْرِمُهُمُ اللهُ تعالى بِالعُلُوِّ وَالعِزَّةِ وَالمَنَعَةِ، وَعِنْدَمَا تَهُونُ عَلَيْهِمُ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتُ، وَتَثْقُلُ عَلَيْهِمُ الطَّاعَاتُ يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَصَا التَّأْدِيبِ حَتَّى يَرْجِعُوا إلى اللهِ تعالى.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُونُوا عَلَىَ يَقِينٍ بِأَنَّ نُورَ الإِسْلَامِ سَيَعُمُّ أَرْجَاءَ المَعْمُورَةِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى مَا أَنْزَلَ هَذَا الدِّينَ، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الرِّسَالَاتِ السَّمَاوِيَّةِ إِلَّا لِيَعْلُوَ في الأَرْضِ، قَالَ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾.
يَا فَاطِمَةُ لَا تَبْكِي:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ الصَّحَابَةَ وَآلَ البَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ الفَأْلَ الحَسَنَ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ تَنَاهِي الكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ يُـبَشِّرُ أَصْحَابَهُ وآلَ بَيْتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَهْمَا اشْتَدَّتِ الأُمُورُ فَلَا بُدَّ مِنَ الفَرَجِ، وَإِنَّ أَشَدَّ سَاعَاتِ اللَّيْلِ سَوَادَاً هِيَ السَّاعَةُ التي يَلِيهَا ضَوْءُ الفَجْرِ.
روى الحاكم عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزَاةٍ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يَدْخُلَ المَسْجِدَ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَخْرُجَ.
فَأَتَى فَاطِمَةَ فَبَدَأَ بِهَا فَاسْتَقْبَلَتْهُ، فَجَعَلَتْ تُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَعَيْنَيْهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَعَكِ؟».
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ قَدْ شَحَبَ لَوْنُكَ.
وفي رِوَايَةٍ لابْنِ عَسَاكِرَ: فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَاطِمَةُ فَجَعَلَتْ تُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَعَيْنَيْهِ وَتَبْكِي.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكِ».
قَالَتْ: أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شَحَبَ لَوْنُكَ وَاخْلَوْلَقَتْ ثِيَابُكَ.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ أَبَاكِ بِأَمْرٍ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ بَيْتٍ مَدَرٍ، وَلَا شَعْرٍ، إِلَّا أَدْخَلَ اللهُ بِهِ عِزَّاً أَوْ ذُلَّاً حَتَّى يَبْلُغَ حَيْثُ بَلَغَ اللَّيْلُ».
هَذِهِ البَشَائِرُ النَّبَوِيَّةُ مَا جَاءَتْ مِنْ فَرَاغٍ، وَحَاشَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مِنْ فَرَاغٍ، فَهُوَ الذي ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾.
هَذِهِ البَشَائِرُ مِنْ نُصُوصِ القُرْآنِ العَظِيمِ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
وَكَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلَاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقَّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الوَاجِبَاتِ عَلَيْنَا هِيَ تَبْلِيغُ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً».
وَإِنَّ أَهَمَّ العَوَامِلِ التي تَجْعَلُكَ مُؤَثِّرَاً في دَعْوَتِكَ إلى اللهِ تعالى هُوَ إِيمَانُكَ أَنْتَ أَوَّلَاً بِمَا تَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ، كَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ آمَنَ بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْتَزَمَهُ الْتِزَامَاً وَاضِحَاً لَا يَحِيدُ عَمَّا آمَنَ بِهِ قَيْدُ أُنْمُلَةٍ.
«لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ وَعْدَ اللهِ تعالى قَائِمٌ بِنُصْرَةِ هَذَا الدِّينِ، وَبِعُلُوِّ كَلِمَةِ المُسْلِمِينَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضَاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضَاً».
وروى الإمام أحمد عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزَّاً يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلَّاً يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ».
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرَاً الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِسْلَامُنَا بِفَضْلِ اللهِ تعالى كَالشَّمْسِ، فَإِنْ رَأَيْتَهَا غَرَبَتْ في جِهَةٍ، فَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهَا أَشْرَقَتْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَلَا تَزَالُ طَالِعَةً، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ سَبَبَاً في حِفْظِ هَذَا الدِّينِ وَتَبْلِيغِهِ للنَّاسِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَكَانَ كَالشَّمْسِ التي تُضِيءُ عَلَى الجَمِيعِ بِدُونِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ طَائِعٍ وَعَاصٍ.
يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُبَلِّغَ رِسَالَةَ اللهِ تعالى كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، مَعَ سَلَامَةِ الصَّدْرِ لِمَنْ نَدْعُوهُمْ إلى اللهِ تعالى.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَكُنْ دُعَاةً إلى اللهِ تعالى بِسُلُوكِنَا أَوَّلَاً، ثُمَّ بِلِسَانِنَا، لِنَكُنْ مِنَ الطَّائِفَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الحَقِّ، وَإِلَّا تَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ في تَرْكِ الدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى، ادْعُوا إلى اللهِ تعالى، فَإِنَّهُ شَرَفٌ مَا بَعْدَهُ شَرَفٌ، اسْـتَحْضِرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى عَنْ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلَاً وَنَهَارَاً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارَاً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارَاً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارَاً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارَاً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارَاً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارَاً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارَاً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارَاً﴾.
سَيِّدُنَا نُوحٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَدْعُو إلى اللهِ تعالى لَيْلَاً وَنَهَارَاً، سِرَّاً وَعَلَانِيَةً، لِمُدَّةِ أَلْفِ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامَاً، وَمَا يَئِسَ، تَمُوتُ أَجْيَالٌ وَتَحْيَا أَجْيَالٌ، وَهُوَ ثَابِتٌ ثُبُوتَ الجِبَالِ في الدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى.
كُونُوا حَرِيصِينَ عَلَى هِدَايَةِ النَّاسِ جَمِيعَاً، وَاسْتَغِلُّوا جَمِيعَ الفُرَصِ للدَّعْوَةِ إلى اللهِ تعالى، في مَسَاجِدِكُمْ، فِي أَسْوَاقِكُمْ، فِي طُرُقَاتِكُمْ، وَفِي وَسَائِلِ رُكُوبِكُمْ، انْتَهِزُوا الفُرْصَةَ قَبْلَ فَوَاتِهَا.
حَدِيثُ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» كَانَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدِيثُ: «يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» كَانَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مَهْدِيِّينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، وَارْزُقْنَا الإِخْلَاصَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَاً في خَلَاصِنَا. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الخميس: 12/ رجب /1439هـ، الموافق: 29/ آذار / 2018م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد
الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد
إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد
لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد
إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد
زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد