355ـ خطبة الجمعة: لماذا فقدان الثقة والأمل بالله تعالى؟

355ـ خطبة الجمعة: لماذا فقدان الثقة والأمل بالله تعالى؟

 

 مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عِبادَ الله، إنَّ الثِّقَةَ بالله تعالى هيَ خُلاصَةُ التَّوَكُّلِ عَلَيهِ، وهيَ قِمَّةُ التَّفويضِ لله تعالى.

إنَّ الثِّقَةَ بالله تعالى تَعني اطمِئنانَ القَلبِ الذي لا يُخالِطُهُ الشَّكُّ بأنَّ اللهَ تعالى لا يُريدُ لِعَبدٍ مُؤمِنٍ إلا الخَيرَ.

إنَّ الثِّقَةَ بالله تعالى تَعني التَّسليمَ المُطلَقَ لله عزَّ وجلَّ، لأنَّ اللهَ تعالى هوَ الأعلَمُ بما يُصلِحُنا وبما يَنفَعُنا وبما يَضُرُّنا، قال تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير﴾. وقال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ واللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُون﴾.

ثِقَةُ أُمِّ سيِّدِنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ بالله تعالى:

يا عِبادَ الله، إنَّ الثِّقَةَ بالله تعالى هيَ التي دَفَعَتْ أُمَّ سيِّدِنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ لأنْ تُلقِيَ وَلَدَها وفَلْذَةَ كَبِدِها في البَحرِ، لأنَّها على يَقينٍ بأنَّ الآمِرَ ضامِنٌ للنَّتائِجِ.

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى * إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾.

نَعَم، يا عِبادَ الله، ما من شَيءٍ في الوُجودِ إلا وهوَ جُندِيٌّ من جُنودِ الله تعالى القائِلِ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ﴾. فالبَحرُ جُندِيٌّ من جُنودِ الله تعالى، لذلكَ تَوَجَّهَ إلَيهِ أمرُ الله تعالى: ﴿فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ﴾. وحتَّى فِرعَونُ سَوفَ يَأخُذُ سيِّدَنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ رَغمَ أَنفِهِ بأمرٍ من الله تعالى من حَيثُ لا يَشعُرُ، قال تعالى: ﴿يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ﴾. يَأخُذُهُ رَغماً عن أَنفِهِ بدونِ اختِيارٍ منهُ.

نَعَم، يا عِبادَ الله، إنَّ الثِّقَةَ بالله تعالى هيَ التي دَفَعَتْ أُمَّ سيِّدِنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ لإلقاءِ وَلَدِها في البَحرِ عِندَما خافَتْ عَلَيهِ، قال تعالى آمِراً لها: ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين﴾.

عِندَما ألقَتْ وَلَدَها في اليَمِّ ثِقَةً منها بِوَعْدِ ربِّها عزَّ وجلَّ كانَ الجَزاءُ أنْ رَدَّهُ اللهُ تعالى إلَيها، قال تعالى: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُون﴾.

ثِقَةُ سيِّدِنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ بالله تعالى:

يا عِبادَ الله، لقد رُبِّيَ سيِّدُنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ بهذهِ الثِّقَةِ بالله تعالى، حَيثُ تَجَلَّتْ هذهِ التَّربِيَةُ واضِحَةً عِندَما انطَلَقَ سيِّدُنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ معَ قَومِهِ فارَّاً من فِرعَونَ وقَومِهِ حتَّى وَصَلوا البَحرَ، فقالَ أصحابُ سيِّدِنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ لِنَبِيِّهِم: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُون﴾. فأجابَهُم إجابَةَ الواثِقِ بِرَبِّهِ: ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين﴾.

فماذا كانَت نَتيجَةُ هذهِ الثِّقَةِ بالله الآمِرِ الضَّامِنِ؟ لقد كانَتِ النَّتيجَةُ كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُم * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾.

يا عِبادَ الله، نَحنُ بأمَسِّ الحاجَةِ في هذهِ الأزمَةِ إلى هذهِ الثِّقَةِ بالله تعالى، وأن نَكونَ على يَقينٍ بأنَّ الأمرَ بِيَدِ الله تعالى، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الترمذي عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَو اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَو اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَت الْأَقْلَامُ وَجَفَّت الصُّحُفُ».

ثِقَةُ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالله تعالى:

يا عِبادَ الله، إذا كانَت كُلُّ أُمَّةٍ تَفتَخِرُ بِعُظَمائِها، وتَحتَفي بِسِيرَةِ نُبَلائِها، يَذكُرونَ مَآثِرَهُم، ويُسَطِّرونَ مَفاخِرَهُم، ويَجعَلونَ أقوالَهُم وأفعالَهُم مناراً يَهتَدونَ بها، ومِنهاجاً يَسيرونَ عَلَيهِ، فإنَّ أُمَّةَ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هيَ أَولَى بذلكَ منهُم، ومن حَقِّها أن تَفتَخِرَ وتَحتَفِيَ بِسِيرَةِ نَبِيِّها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

يا أُمَّةَ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يا أهلَ هذا البَلَدِ الحَبيبِ، يا أهلَ سورِيَّا، يا من تَعيشونَ هذهِ الأزمَةَ التي أبكَتِ القُلوبَ قَبلَ العُيونِ، بِسَبَبِ سَفْكِ الدِّماءِ البَريئَةِ، وتَهديمِ البُيوتِ الآمِنَة، وسَلْبِ الأموالِ المُصانَةِ، وتَيتيمِ الأطفالِ الأبرِياءِ، وتَرميلِ النِّساءِ الضَّعيفاتِ، وتَرويعِ الآمِنينَ: لقد شاءَ ربُّنا عزَّ وجلَّ أن يَجعَلَ لنا في طَريقِنا الذي نَسيرُ فيهِ إلى آخِرَتِنا مَحَطَّاتٍ لِتَقوِيَةِ الإيمانِ.

من هذهِ المَحَطَّاتِ ذِكرى الهِجرَةِ النَّبَوِيَّةِ التي عَلَّمَتِ الأُمَّةَ كيفَ تَكونُ الثِّقَةُ بالله تعالى، وكيفَ تَكونُ العِزَّةُ بالله تعالى، وذلكَ من خِلالِ قَولِهِ تعالى: ﴿إِلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾.

﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ كَلِمَةٌ تَجعَلُ في القَلبِ الطُّمَأنينَةَ والرَّاحَةَ والثِّقَةَ بالله تعالى، لأنَّ من كانَ اللهُ تعالى معَهُ فهوَ الغالِبُ وليسَ بالمَغلوبِ، وهوَ المَنصورُ وليسَ بالمَهزومِ، وهوَ العَزيزُ وليسَ بالذَّليلِ.

يا عِبادَ الله، لقد خَرَجَ سيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ وَحيداً فَريداً طَريداً مُلاحَقاً ومعَهُ صَاحِبُهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنهُ، لقد لاحَقَتْهُ أُمُّ القُرى عاصِمَةُ بِلادِ الحِجازِ بَعدَ أن ضَيَّقَتْ عَلَيهِ ـ بأبي وأُمِّي أنتَ يا سيِّدي يا رَسولَ الله ـ حتَّى وَصَلوا إلى الغارِ الذي ضَمَّ الحَبيبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وصَاحِبَهُ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

فقالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» رواه الشيخان عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ثِقَةٌ بالله تعالى لا تَتَزَعزَعُ، واعتِزازٌ بالله تعالى لا مَثيلَ لهُ، ومن اعتَزَّ بالله تعالى وَوَثِقَ بهِ فَليَكُنْ بَعدَ ذلكَ عَدُوُّهُ من كانَ ومهما كانَ، في شِدَّتِهِ وبَطشِهِ، وقُوَّةِ سِلاحِهِ، وكَثرَةِ جُندِهِ، لأنَّ اللهَ تعالى هوَ الأقوى، ولأنَّ المُؤمِنَ بِرَبِّهِ عزَّ وجلَّ هوَ الأعَزُّ، ولن يُغلَبَ العَبدُ ما دامَ اللهُ تعالى معَهُ ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾.

فماذا كانَتِ النَّتيجَةُ؟ لقد كانَتِ النَّتيجَةُ كما قال اللهُ تعالى: ﴿فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا واللهُ عَزِيزٌ حَكِيم﴾.

لماذا اليَأسُ والقُنوطُ والإحباطُ؟

يا عِبادَ الله، يا أهلَ هذا البَلَدِ الحَبيبِ، لماذا اليَأسُ والقُنوطُ والإحباطُ؟ لماذا فِقدانُ الأمَلِ والثِّقَةِ بالله تعالى؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا﴾؟ أمَا كانَ خَرْقُ السَّفينَةِ لِصَالِحِ أهلِها؟ أمَا كانَ قَتْلُ الغُلامِ لِصَالِحِ أبَوَيهِ؟ أمَا كانَ بِناءُ الجِدارِ لِصَالِحِ اليَتيمَينِ؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِين﴾؟

ألَيسَ اللهُ تعالى هوَ القائِلَ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيد * كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾؟

يا أهلَ هذا البَلَدِ الحَبيبِ، لماذا اليَأسُ والقُنوطُ والإحباطُ وفِقدانُ الأمَلِ والثِّقَةِ بالله تعالى واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُم﴾. ويَقولُ:  ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

يا عبادَ الله، ربُّنا عزَّ وجلَّ لن يَتَخَلَّى عن أُمَّةٍ التَزَمَت قَولَ سيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» رواه الترمذي عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

يا عِبادَ الله، لِنُفَتِّشْ قُلوبَنا أيَّامَ الأزمَةِ والشِّدَّةِ هل فيها الثِّقَةُ بالله تعالى أم لا؟ هل نَقولُ في الشِّدَّةِ والضِّيقِ لِبَعضِنا البَعضِ: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾. هل يُذَكِّرُ بَعضُنا بَعضاً بالله تعالى؟

يا صَاحِبَ الهَمِّ إنَّ الهَمَّ مُنفَرِجٌ   ***   أبـشِـرْ بِـخَـيرٍ فـإنَّ الـفـارِجَ اللهُ

إذا بُـليتَ فَـثِقْ بالله وارضَ به   ***   إنَّ الذي يَكشِفُ البَلوى هوَ اللهُ

نَسألُ اللهَ تعالى أن يَرزُقَنا حُسنَ الظَّنِّ به تعالى، وأن يَجعَلَ ثِقَتَنا به وتَوَكُّلَنا عَلَيهِ. آمين.

أقولُ هَذا القَولَ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم، فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 5 /محرم /1435هـ، الموافق: 8/تشرين الثاني/ 2013م
 2013-11-08
 18049
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

19-04-2024 140 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 140
12-04-2024 766 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 766
09-04-2024 599 مشاهدة
908ـ خطبة عيد الفطر 1445 هـ:هنيئا لك يوم الجائزة إن كنت من المقبولين

هَا نَحْنُ في عِيدِ الفَطْرِ الذي جَاءَنَا بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ القُرْآنِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ، لَقَدْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُذَكِّرًا لَنَا بِالنِّعْمَةِ العُظْمَى التي أَنْقَذَتِ البَشَرِيَّةَ مِنَ الضَّلَالِ ... المزيد

 09-04-2024
 
 599
04-04-2024 706 مشاهدة
907ـ خطبة الجمعة: شمروا عن ساعد الجد

هَا هُوَ الضَّيْفُ الكَرِيمُ يُلَوِّحُ بِالرَّحِيلِ، تَمْضِي أَيَّامُهُ مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا حُلُمٌ جَمِيلٌ، مَا أَحْلَى أَيَّامَكَ يَا أَيُّهَا الضَّيْفُ الكَرِيمُ، وَمَا أَمْتَعَ صِيَامَكَ، لَقَدْ ذُقْنَا فِيكَ لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ ... المزيد

 04-04-2024
 
 706
28-03-2024 607 مشاهدة
906ـ خطبة الجمعة: القرآن خير دستور

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ وَاللهِ بِمَثَابَةِ الرُّوحِ للجَسَدِ، وَالنُّورِ للهِدَايَةِ، فَمَنْ لَمْ يَقْرَأِ القُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَهُوَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ ... المزيد

 28-03-2024
 
 607
21-03-2024 1073 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 1073

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413170816
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :