أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

503 - حكم مشاهدة الأفلام والمسلسلات

05-11-2007 12883 مشاهدة
 السؤال :
نريد من سماحة المفتي إعطاء الحكم الشرعي في مشاهدة الأفلام والمسلسلات والاستماع للأغاني بفتوى شرعية هل تجوز أم لا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 503
 2007-11-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فإن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والاستماع للأغاني ضياع للوقت الذي هو أخطر شيء في حياة الإنسان، وتقول السيدة رابعة العدوية رحمها الله: الإنسان بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منه.

ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه الشمس نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.

وورد في الأثر: لا بورك لي في يوم لم أزدد فيه من الله علماً يقربني من الله عز وجل. فاليومُ الذي لا يزداد فيه المؤمن علماً يومٌ نَحِسٌ، غيرُ مبارك فيه، وما من يوم ينشق فجره إلا وينادي هذا اليوم الإنسان: يا بن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.

وربنا عز وجل أقسم بالعصر الذي هو الزمن، وربنا لا يقسم إلا بعظيم فقال: {والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.

فهل مشاهدة الأفلام والمسلسلات والاستماع إلى الغناء من العمل الصالح؟ هل رأيت رجلاً يُحتَضَر والناس من حوله يشاهدون الأفلام والمسلسلات ويستمعون إلى الغناء؟ أم تراهم حريصين على هذا الوقت المتبقي أن يُستغل في طاعة الله عز وجل، فترى واحداً يقرأ القرآن، وآخر يصلي، وآخر يتصدق، وآخر يدعو الجميع للانشغال بالعمل الصالح؟

ومتى ينتهي أجلك يا بن آدم لا تدري، لذلك لا تضيع أنفاس عمرك بدون فائدة، لأن أنفاس عمرك جوهرة لا عوض عنها، ورحم الله الحسن البصري رضي الله عنه الذي كان يقول: لقد أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم.

ثانياً: إذا كانت الأفلام والمسلسلات خالية من المخالفات الشرعية، فإن مشاهدتها لمن عنده وقت لا يعرف بأي شيء يستغله هو جائز شرعاً، وإني على يقين بأن المسلم الحق لا يجد وقتاً يمر عليه بدون واجب عليه.

وأما إذا كانت الأفلام والمسلسلات فيها المخالفات الشرعية؟ فإنه يحرم مشاهدتها، وهل يوجد فيلم أو مسلسل لا توجد فيه مخالفات شرعية، وهل يوجد فيلم أو مسلسل وليس فيه نساء متبرجات؟؟!!

ثالثاً: أما بالنسبة للاستماع إلى الغناء فذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم سماع الغناء المصحوب بآلات موسيقية، وهذا هو المشهور في المذاهب الأربعة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ليشربنَّ ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يُعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير) رواه ابن ماجه.

والاستماع للغناء المصحوب بالآلات الموسيقية سبب لنزول البلاء على الأمة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء) وعدَّ صلى الله عليه وسلم منها: (واتخذت القينات والمعازف) رواه الترمذي.

أما الغناء المجرد عن الموسيقى، وكان من الرجال للرجال، ومن النساء للنساء، وكان بكلمات هادفة، وبكلمات نظيفة، ولم تكن كلمات الغناء فيها فحش، أو إثارة للشهوات، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى.

وبناء على ذلك:

1. فلا حرج من مشاهدة الأفلام والمسلسلات الخالية من المخالفات الشرعية، وإلاَّ حرم مشاهدتها لوجود المخالفات كتبرج النساء، والغناء، والموسيقى، وما شاكل ذلك.

2. لا يجوز الاستماع للغناء إذا كان مصحوباً بموسيقى، سواء كان مباشرة، أو عن طريق الكاسيت.

3. يجوز سماع الغناء المجرد عن الموسيقى، إذا كانت كلماته مضبوطة بضوابط الشريعة.

4. ونصيحتي لمن تعلق بالاستماع إلى الغناء أن يرتفع إلى مستوى الرجال حيث لا يضيع وقته بدون فائدة، لأن العبد مسؤول يوم القيامة عن أنفاس عمره، قال تعالى: {وسوف تسألون} فلو اشتغل بسماع القرآن الذي يزيد في إيمانه لكان خيراً له، ألم يقل مولانا جل جلاله: {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون}؟

أيهما خير استماع القرآن، أم استماع الغناء الذي كان يقول فيه سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب؟ رواه أبو داود والبيهقي.

وبوسع هذا الأخ أن يستمع إلى بعض المنشدين الذين يمدحون النبي صلى الله عليه وسلم في إنشادهم، ويحرضون الأمة على صفات الكمال والآداب والأخلاق، بأصواتهم العذبة، ينشدون أناشيد الرجال الكُمّل، ونشيدهم مجرد عن الآلات الموسيقية.

أسأل الله تعالى أن يجعل همنا في مرضاته، وأن يوفقنا للاستفادة من أنفاس عمرنا المحصية علينا {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12883 مشاهدة