أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9553 - ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾

18-03-2019 375 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9553
 2019-03-18

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ لِي رَجُلٌ: قَالُوا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا أَو لَنَأْمُرَنَّهَا فَلَتُخْبِلَنَّكَ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ﴾.

لَقَدْ كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَوِّفُونَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن آلِهَتِهِمْ، وَيُحَذِّرُونَهُ مِنْ غَضَبِهَا، عِنْدَمَا يَصِفُهَا بِأَنَهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَا تَمْلِكُ حَوْلَاً وَلَا قُوَّةً، وَكَانُوا يَتَوَعَّدُونَهُ بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْ ذِكْرِهَا بِسُوءٍ فَسَتُصِيبُهُ بِالأَذَى، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾؟

فَإِذَا كَانَ اللهُ تعالى كَافِيَهُ، فَمَنْ ذَا يُخِيفُهُ؟ وَمَاذَا يُخِيفُهُ؟ وَمَنْ قَامَ مَقَامَ العُبُودِيَّةِ، وَقَامَ بِحَقِّهَا حَقَّ القِيَامِ، فَمَنِ الذي يَشُكُّ في كِفَايَةِ اللهِ تعالى لِعَبْدِهِ، وَهُوَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ؟

﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ كَيْفَ يَخَافُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهُمْ في قَبْضَةِ اللهِ تعالى؟

فالذي يَحْرُسُهُ اللهُ تعالى لَا يُخِيفُهُ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ وَاضِحَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلى دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ، لِأَنَّ اللهَ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ، وَمَشِيئَتُهُ هِيَ النَّافِذَةُ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئَاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾. فَاللهُ تعالى هُوَ الذي يَعْلَمُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الضَّلَالَةَ فَيُضِلُّهُ، وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الهُدَى فَيَهْدِيهِ، وَإِذَا قَـضَى أَمْرَاً فَلَا رَادَّ لَهُ.

﴿أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾. بَلَى؛ إِنَّهُ عَزِيزٌ قَوِيٌّ يُجَازِي كُلَّاً بِمَا يَسْتَحِقُّ، فَيَنْتَقِمُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الانْتِقَامَ، وَيَحْفَظُ وَيَرْعَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الحِفْظَ وَالرِّعَايَةَ.

وَهَلْ هُنَاكَ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكْفِيَهُ اللهُ شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ، كَسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾. بَلَى وَرَبِّي كَافِيهِ.

اللَّهُمَّ بِجَاهِهِ عِنْدَكَ اكْفِنَا شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ بِمَا شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
375 مشاهدة