أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6142 - أين الجُناح في الطواف بين الصفا والمروة؟

12-02-2014 17343 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيم}. هل كان هناك جُناح في الطواف بين الصفا والمروة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6142
 2014-02-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أخرجَ الإمام البخاري في صَحيحِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾.

وفي روايةٍ للترمذي عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ عَن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ: كَانَا مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. قَالَ: هُمَا تَطَوُّعٌ؛ ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾.

ويَقولُ الشَّعبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كانَ على الصَّفَا في الجَاهِلِيَّةِ صَنَمٌ يُسَمَّى: إسافاً؛ وعلى المروَةِ صَنَمٌ يُسَمَّى: نَائِلَةَ؛ فكانوا يَمسَحُونَهُمَا إذا طَافوا، فامتَنَعَ المسلِمونَ من الطَّوافِ بَينَهُما من أجلِ ذلكَ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ. اهـ.

وهذا لِرَفْعِ الحَرَجِ من السَّعْيِ بَينَهُما، عِندَما أُزيلَت عَنهُما الأصنامُ.

وبناء على ذلك:

فقد كانَ السَّعْيُ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ نُسُكاً وعِبادَةً في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَت العِبادَةُ للوَثَنَيْنِ القَائِمَيْنِ فَوقَهُما أسافٍ ونائِلَةَ، فلمَّا جاءَ الإسلامُ أقَرَّ السَّعْيَ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ، بَعدَ أن أزالَ الأصنامَ، وجَعَلَ الذِّكرَ لله تعالى وَحْدَهُ، ونَفى الجُناحَ ـ يَعني الإثمَ ـ  عمَّن سَعى بَينَهُما، لأنَّهُم يَسعَونَ لله تعالى.

والسِّرُّ في التَّعبيرِ بِنَفْيِ الجُناحَ مَعَ أنَّ السَّعْيَ فَرْضٌ عِندَ الجُمهورِ، وَوَاجِبٌ عِندَ الحَنَفِيَّةِ، هوَ لِبَيانِ خَطَأِ المُشرِكينَ الذينَ كانوا يُنكِرونَ السَّعْيَ من الشَّعائِرِ، وأنَّهُ من مَناسِكِ سَيِّدِنا إبراهيمَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّهُ لا مانِعَ منهُ في الإسلامِ لِتَغَيُّرِ قَصْدِ الطَّائِفينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
17343 مشاهدة