أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6708 - يغضب بسرعة, ويكثر السب والشتم

04-02-2015 3557 مشاهدة
 السؤال :
أعاني من شدة الغضب، وكثرة السب والشتم واللعن لمن أغضبني، وأتضايق من نفسي جداً بعد ذلك، فماذا أصنع للتخلص من هذه الصفة الذميمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6708
 2015-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: دَرِّبْ نَفسَكَ على كَظْمِ الغَيظِ، وذلكَ من خِلالِ مَعرِفَةِ مَا رَتَّبَ اللهُ تعالى لَكَ من الأَجْرِ على كَظْمِ الغَيظِ، قَالَ تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ اللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. ألا تُرِيدُ أن يُحِبَّكَ اللهُ تعالى، وتَكُونَ من أَهلِ الجَنَّةِ؟

وقَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. ومن غَفَرَ غُفِرَ لَهُ، قَالَ تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

ثانياً: خُذْ بِوَصِيَّةِ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ.

قَالَ: «لا تَغْضَبْ، وَلَكَ الْجَنَّةُ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سُفْيَانَ بن عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ لِنَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قُلْ لِي قَوْلاً أَنْتَفِعُ بِهِ، وَأَقْلِلْ، لَعَلِّي أَعْقِلُهُ؟

فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا تَغْضَبْ».

فَعَاوَدَهُ مِرَاراً يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، يَقُولُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:«لا تَغْضَبُ». يَعنِي: اِجتَنِبْ أَسبَابَ الغَضَبِ، ولا تَتَعَرَّضْ لِمَا يَجْلِبُهُ.

وروى الديلمي عَن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَومٌ غُزَاةٌ فَقَالَ: «قَدِمْتُم خَيرَ مَقْدَمٍ، قَدِمْتُم من الجِهَادِ الأَصغَرِ إلى الجِهَادِ الأَكبَرِ، مُجَاهَدَةِ العَبدِ هَوَاهُ» وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَاهِدَةَ النَّفْسِ، أَشَدُّ مِنْ مُجَاهِدَةِ الْعَدُوِّ.

ثالثاً: تَوَضَّأْ عِندَ الغَضَبِ، روى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ مِن الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِن النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ».

وبناء على ذلك:

فلا بُدَّ من مُجَاهَدَتِهِ لِنَفْسِهِ، والتَّخَلُّقِ بِأَخلاقِ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إذا كَانَ حَرِيصَاً على مُرَافَقَتِهِ في الآخِرَةِ.

سَيِّدُنا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَم يَكُنْ سَبَّابَاً ولا لَعَّانَاً، روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَّاباً، وَلَا فَحَّاشاً، وَلَا لَعَّاناً.

كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ: «مَا لَهُ، تَرِبَ جَبِينُهُ».

بَعْضُ شُرَّاحِ الحَدِيثِ قَالُوا: هذا دُعَاءٌ لِمَن عَاتَبَهُ سَيِّدُنا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالسُّجُودِ للهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3557 مشاهدة