74ـ نحو أسرة مسلمة: القرار هو سر النجاح(2)

74ـ نحو أسرة مسلمة: القرار هو سر النجاح(2)

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد عرفنا في الدرس السابق بأن تكليف الله تعالى للنساء بالقرار في بيوتهن وذلك من خلال قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، هو سرُّ نجاح المرأة في عملها الموكل إليها، وقد ضمن لها النفقة مقابل هذا القرار.

وقلنا بأن الأمر الأول الموكَّل إلى الزوجة من خلال قرارها في البيت هو تهيئة السكن والراحة والطمأنينة لزوجها، لأنها إن أكثرت من الخروج فلن تتمكَّن من تحقيق هذه الغاية التي أشار إليها ربنا في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}.

الأبناء أمانة في أعناق الأمهات:

أيها الإخوة الكرام: أما الأمر الثاني الموكَّل إلى الزوجة من خلال قرارها في البيت فهو رعاية تلك الفراخ الناشئة: 1.ً رعاية جسدية. 2.ً ورعاية إيمانية. 3.ً ورعاية خلقية. 4.ً ورعاية عقلية. 5.ً ورعاية نفسية. 6.ً ورعاية اجتماعية.

لأن هؤلاء الأطفال وُلدوا على الفطرة، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ).

قرار المرأة في بيتها من أجل رعاية تلك النبتة الطاهرة الصالحة، فإذا أكثرت المرأة الخروج من البيت ضيَّعت الأطفال الذين هم أمانة في عنقها، وذلك من خلال قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. ومن خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) وعدَّ منهم: (وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه الإمام البخاري عن أبن عمر رضي الله عنه. وفي رواية الإمام مسلم: (وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ).

فمهمة المرأة أن تُنَشِّئ الأطفال تنشئة صالحة شاملة لجميع جوانب الحياة، وخاصة في ربطه مع شرع الله تعالى في كل شؤونه، حتى يندرج تحت قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ) وعدَّ منهم: (وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

تربية الأبناء على الخصال الحميدة:

أيها الإخوة: مهمَّة الأم أن تربي أبناءها تربية متميزة شاملة لجميع جوانب الحياة، وهذه المهمة كبيرة جداً، لذلك كان لزاماً عليها أن تقرَّ في بيتها من أجل أن تنجح في عملها.

يجب على الأم أن تربي أبناءها على صفات الكمال، والتي من أهمها:

أولاً: معرفة الغاية التي خلقوا من أجلها في هذه الحياة الدنيا ألا وهي حمل الأمانة، التي أشار الله تعالى إليها بقوله: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}. وهذه الأمانة بحدِّ ذاتها عبادة لله عز وجل، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}.

عندما تقصِّر الأم في تربية الأبناء بسبب كثرة خروجها من البيت، فإن الأبناء سوف ينشؤون على ضياع تلك الأمانة الثقيلة، التي أبت الجبال والأرض والسماوات عن حملها، وبتضييع هذه الأمانة خسر الدنيا والآخرة، والأم مسؤولة عن ذلك.

ثانياً: معرفة الواجب الذي عليهم نحو ربهم عز وجل، ونحو أبناء جنسهم، ثم بعد ذلك تُعَرِّفهم على الحق الذي لهم، تُعَرِّفهم كيف يقومون بالواجب الذي عليهم، وكيف يطالبون بالحق الذي لهم، الأم إذا قصَّرت في تبيان الواجب الذي على الأولاد نحو ربهم عز وجل ونحو الآخرين، جعلت منهم أناساً لا يعرفون إلا الشهوات وحظوظ النفس، وعلى حساب دينهم، وحساب الآخرين.

ثالثاً: تربيتهم على صفات الكمال التي كان عليها أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم ربنا عز وجل بقوله: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشدُّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}. وبقوله: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم}. وبقوله: {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.

تربيتهم على سلامة القلب تجاه المؤمنين، وخاصة على الرعيل الأول من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم}.

تربيتهم على قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون}.

فإذا أكثرت المرأة الخروج من بيتها فهل بإمكانها أن تربي أبناءها على هذه الخصال الحميدة، فضلاً عن تحقيق السكن لزوجها؟

عدم القرار سبب للفرار:

أيها الإخوة: تعالوا لنتدبَّر قول الله تعالى في سورة عبس: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه * وَأُمِّهِ وَأَبِيه * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه}. لماذا يَفِرُّ الإنسان من بنيه؟ يجب على المرأة خاصة أن تفكر في هذه الآية جيداً: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه * وَأُمِّهِ وَأَبِيه * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه}.

لماذا هذا الفرار؟

الجواب: لأن الأم ضيَّعت هؤلاء الأبناء في الحياة الدنيا وذلك بالتقصير في الواجب الملقى عليها تجاههم، وما قصَّرت في هذا الواجب إلا لعدم قرارها في البيت، وهذا الذي أدى إلى فرارها من بين يدي أولادها يوم القيامة.

أيها الإخوة: ليس هناك أشدُّ وأخطرُ من ضياع الذرية والولد، أو تركهم يضيعون بسبب الإهمال، أيُّ ضياع أشدُّ من ضياع قلوب الأولاد وعقولهم وأخلاقهم، ثم بقاء أجسادهم كأنها خُشُبٌ مسنَّدة، لا تحمل عقيدة عظيمة، ولا تعيش لغاية عظيمة؟

أيُّ ضياع أشدُّ من ضياعٍ هو الخروج على الإسلام والتنكُّر له؟ وأيُّ ضياعٍ أشدُّ من ضياع ذريةٍ تَنْشأ وهي كارهة لما أنزل الله تعالى؟ والعياذ بالله تعالى، اليوم بعض البنات يكرهون الحجاب، ويكرهون ما أمر الله تعالى به من تستُّر وعدم اختلاط بالرجال، يكرهون القرار في البيوت، يكرهون {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}. وما هذه الكراهية إلا لتقصير الأمهات في التربية، وهذه الكراهية لما شرع الله تعالى طامة كبرى، وذلك لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم}. فكراهية ما أنزل الله تعالى من أحكام شرعية سبب لحبوط الأعمال يوم القيامة والعياذ بالله تعالى.

الأم إذا لم تجلس في البيت وتتمثل أمر الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}. سوف تسلِّم أبناءها إما للخادمة، أو الحاضنة، أو الجيران، أو المدارس، وأفضل المدارس عند بعض النساء هي المدارس التي يدرِّس فيها من لا عقيدة سليمة عندهم ـ وأنا لا أريد أن أذكر بعض أسماء المدارس هذه ـ أيُّ ضياعٍ أشدُّ من ضياع الفطرة التي فطر الله الناس عليها؟ كما قال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

أيُّ ضياع أشدُّ من ضياع ثمرةٍ بَذَلَتِ المرأة كلَّ ما في وسعها لوجود تلك الثمرة، لتكون عوناً لها عند كبر سنها، فإذا بتلك الثمرة التي أُهملت من قبل الأم ترمي تلك الأم في دار السعادة ـ رعاية المسنين ـ التي يجب أن تسمى دار عقوق الوالدين، هذا إذا كانت هناك بقية من الإيمان، وإلا رُميت تلك الأم ربما في مشفى المجانين.

ولو قَرَّت المرأة في بيتها لتقوم بواجبها نحو أبنائها لوجدت النتيجة من خلال قوله صلى الله عليه وسلم، عندما سأله رجل: (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

أعظم شهادة للمرأة هي أولادها:

أيها الإخوة الكرام: المرأة حريصة كلَّ الحرص على نيل الشهادات، ربما أن تكون حريصة على نيل شهادة الطب أو الهندسة، أو ربما المحاماة، أو أي نوع من أنواع الشهادات، ولو كانت على حساب أولادها.

كم من امرأة ضيَّعت أبناءها بهذا السبب بعدما أن ضيَّعت حقَّ زوجها؟

إن دراسة المرأة يجب أن تكون مدروسة دراسة صحيحة.

أولاً: أن لا يكون فيها اختلاط مع الرجال، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

ثانياً: أن لا يكون على حساب حقوق الزوج أو الأولاد، لأن شأن جميع العقلاء أنهم يقدمون الأهم فالأهم.

أما المرأة التي تخرج للدراسة ولو تعرضت للاختلاط مع الرجال وكانوا وكانت سبباً للفتنة، أو كان على حساب زوجها وأولادها، فهذه المرأة لا تفكِّر في آخرتها، ولا تفكر في أنها مسؤولة يوم القيامة، هذه امرأة مادِّيَّة لا تفكِّر إلا في الساعة التي هي فيها.

المرأة العاقلة أعظم شهادة لها هي أولادها، انظروا في الأمهات اللواتي اتخذْنَ البيوت قراراً لهنَّ من أجل تربية الأبناء، ومن أجل تحقيق السكن لزوجها، كَمْ قدمت للمجتمع من خير عظيم؟!

أمهات قَدَّمن للبشرية علماء ومفكرين ودعاة وفقهاء ومفسِّرين ومحدِّثين، ابحثوا في جُلِّ هؤلاء تجدون أمهاتهم سيدات بيوت تفرغْنَ لتربية أبنائهنَّ، ففازوا بسعادة الدارين.

لذلك نسمع كثيراً من يقول: خلف كل رجل عظيم امرأة، ونحن نرى في هذا العصر من إذا كتب كتاباً جعل إهداء هذا الكتاب لزوجته التي كانت عوناً له وسكناً وراحة وطمأنينة، حتى استطاع أن ينجز الذي أنجزه.

خروج المرأة كارثة:

أيها الإخوة الكرام: السِّمة في تشريعنا بأنه تشريع من إله يعلم السر وأخفى، ويعلم خَلَجات القلوب، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

فقرار المرأة في بيتها جاء بأمر من الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}. وجبلها ربُّنا على ذلك، فعند المرأةِ السويَّةِ القرارُ في بيتها أمر طبيعي، لأن الله تعالى يقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}.

ومخالفتها لأمر ربها عز وجل تعرِّضها للنتائج غير الحميدة، ولذلك أكَّد النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله: (إِنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، فَتَقُولُ: مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلا أَعْجَبْتُهُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ إِذَا كَانَتْ فِي قَعْرِ بَيْتِهَ) رواه الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه.

حديثُ نفسٍ عند المرأة (مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلا أَعْجَبْتُهُ). هذا إخبار ممنْ؟ إنه كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، لذلك كثرة خروجها سبب للفتنة وخاصة عندما تخرج المرأة بثياب تتجمَّل فيها، وأصحاب القلوب المريضة ما أكثرهم، في الشوارع، في المدارس، في الجامعات، في أماكن العمل.

لذلك يجب على المرأة أن لا تُكثر الخروج من البيت إلا لأمر ضروري مع مراقبتها لله عز وجل، وأن تستغفر الله تعالى إذا خطر على بالها هذا الخاطر: (مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلا أَعْجَبْتُهُ).

على المرأة أن تقوم بواجبها في بيتها من خلال تحقيق السكن لزوجها، ومن خلال رعايتها لأبنائها، وإلا فإنها ستدفع الثمن عاجلاً أم آجلاً دنيا وأخرى ـ لا قدَّر الله تعالى.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة: إن هذه المواضيع خاصة بالمرأة التي آمنت بالله تعالى واليوم الآخر، وليست للمرأة التي تعبد المادة، وتحب العاجلة وتنسى الآخرة والعياذ بالله تعالى، هذه الأوامر لامرأة تفكِّر بعواقب الأمور، لا لامرأة تنظر إلى العاجلة فقط، حديثنا هذا لامرأة عرفت أنها أَمَةٌ لله عز وجل، وأنها محاسبة يوم القيامة بين يدي الله عز وجل، هل قامت بما كُلِّفت به في المكان الذي كُلِّفت به؟ أم غيَّرت وبدَّلت؟ ومن غيَّر وبدَّل والعياذ بالله تعالى فهو من الخاسرين يوم القيامة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا) رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

قد تتساءل المرأة وتقول: هل يجب على المرأة أن تلازم البيت ملازمة تامة لا تخرج منه أبداً؟

الجواب: أمر طبيعي هذا الكلام مردود، لأن المرأة قد تضطر للخروج لبعض حوائجها، أو للقيام ببعض الواجبات المكلَّفة بها، والدليل على مشروعية خروج المرأة هو قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}. لماذا نهاها عن التبرج إذا كانت لن تخرج أبداً؟

الشرع أذن لها بالخروج لبعض حوائجها، ولكن كيف تخرج إذا أرادت الخروج؟ هذا هو موضوع درسنا في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يستر أعراضنا وأن يؤمِّن روعاتنا، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه، آمين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2010-02-10
 3357
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4063 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4063
21-01-2018 4890 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4890
14-01-2018 3507 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3507
08-01-2018 4103 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4103
31-12-2017 4113 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4113
24-12-2017 3891 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3891

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412067277
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :