أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

358 - حكم بيع التقسيط

02-06-2007 31 مشاهدة
 السؤال :
افْتَتَحْتُ مَحَلَّاً لِبَيْعِ الأَدَوَاتِ الكَهْرُبَائِيَّةِ نَقْداً وَبِالتَقْسِيطِ، وَلكِن يَأْتي إِليَّ أَحَدُ الُمشْتَرينَ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ الإِعْلَانُ عَنْ السِّعْرِ نَقْداً وَبِالتَقْسِيطِ، وَآخَرُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ البَيْعُ بِالتَقْسِيْطِ لِأَنَّهُ فَائِدَةٌ، حِيْنَ يَزيْدُ عَلى الَمبْلَغِ الأَصْلِيِّ، يُرْجَى بَيَانُ هَذا الأَمْرِ بِشَكلٍ وَاضِحٍ وَمُيَسَّرٍ.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 358
 2007-06-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ أَجَازَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ بَيْعَ الشَّيْءِ في الحَالِ لِأَجَلٍ أَوْ بِالتَّقْسِيطِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ النَّقْدِيِّ إِذَا كَانَ العَقْدُ مُسْتَقِلًّا.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ في المُغْنِي: البَيْعُ بِنَسِيئَةٍ ـ لِأَجَلٍ ـ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا وَلَا يُكْرَهُ.

فَإِذَا تَمَّ الاتِّفَاقُ بَيْنَ البَائِعِ وَالمُشْتَرِي عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِمِئَةِ لَيْرَةٍ مَثَلًا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ تُدْفَعُ أَقْسَاطًا، مَعَ أَنَّ سِعْرَهَا النَّقْدِيَّ تِسْعِينَ لَيْرَةً مَثَلًا، جَازَ البَيْعُ، وَإِنْ ذُكِرَ في المُسَاوَمَةِ السِّعْرَانِ، سِعْرٌ للنَّقْدِ وَسِعْرٌ للتَّقْسِيطِ، ثُمَّ تَمَّ البَيْعُ في نِهَايَةِ المُسَاوَمَةِ نَقْدًا أَوْ تَقْسِيطًا.

أَمَّا لَوْ قَالَ البَائِعُ للمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمِئَةِ لَيْرَةٍ لِأَجَلٍ أَوْ تَقْسِيطًا، وَبِتِسْعِينَ لَيْرَةٍ نَقْدًا، فَقَالَ المُشْتَرِي: قَبِلْتُ، وَلَمْ يُحَدِّدْ لِأَجَلٍ أَوْ نَقْدًا فَهَذَا العَقْدُ بَاطِلٌ شَرْعًا.

وَإِذَا قَالَ البَائِعُ للمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِتِسْعِينَ لَيْرَةٍ نَقْدًا، فَقَالَ المُشْتَرِي: قَبِلْتُ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ المُشْتَرِي للبَائِعِ: سَأَدْفَعُ لَكَ ثَمَنَهَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ بِالتَّقْسِيطِ، فَقَالَ لَهُ البَائِعُ: إِذًا صَارَ سِعْرُهَا مِئَةَ لَيْرَةٍ، فَهَذَا كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَتَكُونُ شُبْهَةُ الرِّبَا وَاضِحَةً في هَذِهِ الحَالِ، لِأَنَّ العَقْدَ تَمَّ أَوَّلًا نَقْدًا.

أَمَّا إِذَا سَاوَمَهُ عَلَى سِعْرِ السِّلْعَةِ نَقْدًا أَوْ تَقْسِيطًا، ثُمَّ اتَّفَقَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّقْدِ أَوِ التَّقْسِيطِ فَلَا حَرَجَ فِيهِ شَرْعًا، وَلَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ رِبًا، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾. فَالرِّبَا زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ مَا أَعْطَاهُ مُقَابِلَ الأَجَلِ، كَبَيْعِ /100/ كغ مِنَ الحِنْطَةِ في الحَالِ، عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا /120/ كغ بَعْدَ أَجَلٍ، أَوْ أَقْرَضَهُ أَلْفَ لَيْرَةٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ أَلْفًا وَمِئَةً بَعْدَ أَجَلٍ.

أَمَّا البَيْعُ: فَالمُشْتَرِي يَأْخُذُ سِلْعَةً وَيَدْفَعُ ثَمَنَهَا، وَلَمْ يُعْطِ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ.

وَالرِّبَا يَخْتَلِفُ عَنِ البَيْعِ بِالتَّقْسِيطِ كَذَلِكَ: بِأَنَّ المُرَابِيَ كُلَّمَا تَأَخَّرَ عَنْ دَفْعِ الأَقْسَاطِ زَادَ عَلَيْهِ الرِّبَا.

أَمَّا في البَيْعِ فَصَارَ السِّعْرُ مَعْلُومًا لِأَجَلٍ، وَلَوْ تَأَخَّرَ المُشْتَرِي عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ بِالوَعْدِ المُحَدَّدِ، أَوْ تَأَخَّرَ في دَفْعِ الأَقْسَاطِ لَا يَحِقُّ للبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ.

وَلَكِنَّنِي أَنْصَحُ البَائِعَ وَالمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ نَقْدًا وَيَشْتَرِيَ نَقْدًا، لَا لِوُجُودِ شُبْهَةِ حَرَامٍ، وَلَكِنْ لِكَثْرَةِ الخُلْفِ في الوَعْدِ مِنْ قِبَلِ المُشْتَرِي وَلِقِلَّةِ الأَمَانَةِ، وَلَكِنْ إِنْ ضَمِنَ البَائِعُ المُشْتَرِيَ وَعَرَفَهُ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ بِوُعُودِهِ وَصَاحِبُ أَمَانَةٍ، فَلَا حَرَجَ في البَيْعِ مُطْلَقًا.

وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ: لَا تَبِعْ نَسِيئَةً وَلَا تَرُدَّ رَبْحًا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31 مشاهدة