أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6726 - سبق لسانه إلى الكفر من غير قصد

10-02-2015 4675 مشاهدة
 السؤال :
كيف يفهم المؤمن حديث سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6726
 2015-02-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أَخرَجَ الإمام مسلم عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».

يُفهَمُ من هذا الحَدِيثِ:

أولاً: أنَّ اللهَ تعالى يَفرَحُ بِتَوبَةِ عَبدِهِ أَشَدَّ مِمَّن يَفرَحُ بوُجُودِ نَاقَتِهِ التي ضَلَّتْ بِأَرضِ فَلاةٍ، وفَرَحُ اللهِ تعالى لَيسَ كَفَرَحِ العَبدِ، لأنَّ اللهَ تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ؛ وهذا من بَابِ المُشَاكَلَةِ.

ثانياً: فِيهِ تَرغِيبٌ للعَبدِ بالتَّوبَةِ للهِ عزَّ وجلَّ من ذُنُوبِهِ، وهذهِ التَّوبَةُ نِعمَةٌ أَنعَمَ اللهُ تعالى بِهَا على هذهِ الأُمَّةِ دُونَ غَيرِهَا من الأُمَمِ، وكَانَت تَوبَةُ بَنِي إسرَائِيلَ قَتْلَ أَنفُسِهِم، فَللهِ الحَمْدُ على هذهِ النِّعمَةِ.

ثالثاً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على تَكفِيرِ من صَدَرَ مِنهُ قَولٌ مُكَفِّرٌ، سَوَاءٌ أَقَالَهُ استِهزَاءً، أم عِنَادَاً، أم اعتِقَادَاً، لِقَولِهِ تعالى: ﴿قُلْ أَباللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.

وأمَّا من سَبَقَ لِسَانُهُ إلى الكُفْرِ من غَيرِ قَصْدٍ، لِشِدَّةِ فَرَحٍ أو دَهَشٍ أو غَيرِ ذلكَ، فإنَّهُ لا يُكفَرُ، كَقَولِ من أَرَادَ أن يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي وأَنَا عَبدُكَ، فَقَالَ غَلَطَاً: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ.

وكذلكَ من أُكْرِهَ على قَولِ الكُفرِ، فإنَّهُ لا يُكفَرُ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾. ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه الحاكم وابن ماجه ـ واللَّفظ لَهُ ـ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4675 مشاهدة