أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6065 - سبب بكاء سيدنا موسى عليه السلام

31-12-2013 286 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سيدنا موسى عليه السلام بكى عندما رأى سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج؟ فإن كان بكى فما سبب بكائه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6065
 2013-12-31

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد وَرَدَ في صَحيحِ الإمامِ مسلم رَحِمَهُ اللهُ تعالى في بابِ الإسراءِ والمِعراجِ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَرْحَباً بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى، فَنُودِيَ مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: رَبِّ هَذَا غُلَامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي».

وسَبَبُ بُكاءِ سَيِّدِنا موسى عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ هوَ ما قالَهُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، واللهُ تعالى أعلَمُ:

مَعنى هذا أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَزِنَ عَلَى قَوْمِهِ لِقِلَّةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مَعَ كَثْرَة عَدَدِهِمْ، فَكَانَ بُكَاؤُهُ حُزْناً عَلَيْهِمْ وَغِبْطَةً لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَثْرَةِ أَتْبَاعِهِ، وَالْغِبْطَةُ فِي الْخَيْرِ مَحْبُوبَةٌ؛ وَمَعْنَى الْغِبْطَةِ أَنَّهُ وَدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لَا أَنَّهُ وَدَّ أَنْ يَكُونُوا أَتْبَاعاً لَهُ وَلَيْسَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِثْلهمْ؛ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ إِنَّمَا بَكَى حُزْناً عَلَى قَوْمِهِ وَعَلَى فَوَاتِ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالثَّوَابِ الْجَزِيلِ بِتَخَلُّفِهِمْ عَن الطَّاعَةِ، فَإِنَّ مَنْ دَعَا إِلَى خَيْرٍ وَعَمِلَ النَّاسُ بِهِ كَانَ لَهُ مِثْلَ أُجُورِهِمْ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَمِثْلُ هَذَا يُبْكَى عَلَيْهِ، وَيُحْزَنُ عَلَى فَوَاتِهِ. واللهُ أَعْلَمُ.

وبناء على ذلك:

فالحَديثُ صَحيحٌ رواهُ الإمامُ مسلم، وبُكاءُ سَيِّدِنا موسى عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ هوَ بُكاءُ حُزنٍ على قَومِهِ الذينَ غَيَّروا وبَدَّلوا من بَعدِهِ، وبُكاءُ غِبطَةٍ لِسَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على كَثرَةِ أتباعِهِ، ولَيسَ بُكاءَ حَسَدٍ وحَسرَةٍ، حاشاهُ من ذلكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

اللَّهُمَّ أدِمْ عَلَينا شَرَفَ هذهِ النِّعمَةِ العَظيمَةِ، نِعمَةِ الإيمانِ بِسَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
286 مشاهدة