أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5632 - أعطت جميع مالها لزوجها, وغضب أبوها

12-11-2012 56754 مشاهدة
 السؤال :
امرأة وهبت جميع ما تملك لزوجها، وغضب عليها أبوها، فهل يضرها هذا الغضب؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5632
 2012-11-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 أولاً: يقولُ اللهُ تبارك وتعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾. فالرَّشيدُ يُفَكُّ الحجرُ عنه، وتُطلقُ يَدُهُ في التَّصَرُّفِ وِفقَ الشَّرعِ الشَّريفِ، أخرج الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ الله أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ، فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ، وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ».

وأخرج الإمام البخاري عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».

ثانياً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ ذِمَّةَ المرأةِ الماليَّةِ مُستقلَّةٌ، ولها حقُّ التَّصَرُّفِ في مالِها تَبَرُّعاً ومُعاوضةً إن كانت رشيدةً وِفقَ الضَّوابِطِ الشَّرعيَّةِ.

فالمرأةُ المسلمةُ الرَّشيدةُ حُرَّةٌ في التَّصَرُّفِ بمالِها وِفقَ الضَّوابِطِ الشَّرعيَّةِ، وليسَ من حقِّ أبيها ولا زوجِها التَّدخُّلُ في تصرُّفاتِها الماليَّةِ، فإذا تَبَرَّعتْ بمالِها لِزوجِها أو لِأبيها فلا يحقُّ للطَّرفِ الثَّاني أن يعترِضَ عليها، فضلاً عن الغَضَبِ، ورَحِمَ اللهُ تعالى والداً أعانَ ابنَتَهُ على الإحسانِ لِزوجِها، ورَحِمَ اللهُ تعالى زوجاً أعانَ زوجتَهُ على بِرِّ والِدَيها.

وبناء على ذلك:

 فليسَ لأبيها حقٌّ في الغَضَبِ عليها، بل الأكملُ في حقِّهِ الدُّعاءُ لها، وخاصَّةً إذا كانَ زوجُها فقيراً وهوَ غنيٌّ، ولا إثمَ على المرأةِ في ذلك، ويجبُ عليها أن تُرضي والِدَها بإقناعِهِ في هذا التَّصَرُّفِ.

أمَّا إذا قَصَدَتْ بهذهِ الهِبَةِ الإضرارَ بوالِدِها حتَّى تحرِمَهُ من الإرثِ منها، فَهِبَتُها لِزوجِها صحيحةٌ، وهيَ آثِمةٌ في نِيَّتِها. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
56754 مشاهدة