أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2176 - حكم العتيرة (الذبيحة في رجب)

10-07-2009 45 مشاهدة
 السؤال :
مَا حُكْمُ العَتِيرَةِ؟ وَهِيَ الذَّبِيحَةُ في رَجَبٍ، وَهَلْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حُكْمِهَا شَيْءٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2176
 2009-07-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

بِالنِّسْبَةِ للعَتِيرَةِ التي تُسَمَّى الرَّجِيبَةَ، اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في حُكْمِهَا:

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ الحَنَفِيَّةُ وَالمَالِكِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ إلى أَنَّ العَتِيرَةَ مَنْسُوخٌ حُكْمُهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَالفَرَعُ هُوَ أَوَّلُ نِتَاجِ الإِبِلِ وَالغَنَمِ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ في جَاهِلِيَّتِهِمْ يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِ.

وَالعَتِيرَةُ: كَانَ يَذْبَحُهَا النَّاسُ قَبْلَ الإِسْلَامِ في شَهْرِ رَجَبٍ، وَصَارَ مَعْمُولَا بِهَا في أَوَّلِ الإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. فَكَانَ النَّاسُ يَذْبَحُونَ شَاةً في رَجَبٍ.

ثُمَّ نُسِخَ حُكْمُهَا بِالحَدِيثِ: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ».

وَبِمَا رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (نَسَخَتِ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ فِي القُرْآنِ، وَنَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ، وَنَسَخَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ كُلَّ غُسْلٍ، وَنَسَخَتِ الأَضَاحِيُّ كُلَّ ذَبْحٍ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالبَيْهَقِيُّ في السُّنَنِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ سَمَاعًا مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ نَسْخَ الحُكْمِ لَا يَكُونُ بِالاجْتِهَادِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلى عَدَمِ نَسْخِ حُكْمِ العَتِيرَةِ، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا جَاءَ في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ نُبَيْشَةَ قَالَ: نَادَى رَجُلٌ وَهُوَ بِمِنًى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا».

قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فَمَا تَأْمُرُنَا؟

قَالَ: «فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتُكَ، حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَهُ وَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ».

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَلَمْ يُبْطِلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ العَتِيرَةَ مِنْ أَصْلِهَا، وَإِنَّمَا أَبْطَلَ خُصُوصَ التَّبَرُّعِ في شَهْرِ رَجَبٍ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهِيَ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مُبَاحَةٌ لِأَنَّ وُجُوبَهَا أَوْ سُنِّيَّتَهَا مَنْسُوخَةٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45 مشاهدة