أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5116 - حكم شراء أرض في المدينة الصناعية (الشيخ نجار)

30-04-2012 45438 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز شراء أرض في المدينة الصناعية في الشيخ نجار في مدينة حلب بالأقساط؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5116
 2012-04-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد تمَّ الاطِّلاع على عقد البيع بالتراضي أقساطاً للمقاسم الصناعية في المدينة الصناعية في الشيخ نجار في حلب، وتبيَّن في موادِّ هذا العقد وجود مخالفات شرعيَّة متعدِّدة، واحدة منها تكفي لإلغاء هذا العقد ومنعه وعدم جوازه.

لقد اشتمل هذا العقد على المخالفات الشرعيَّة التالية:

أولاً: فيه أكل للمال بالباطل، وذلك محرَّم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وبقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ؟) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: (بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟).

وأكلُ المال بالباطل واضح في المادة الرابعة والخامسة، حيث يحقُّ للفريق الأول إلغاء التخصيص، ولا يعوض الفريق الثاني ما أنفقه من إنشاءات ويتملك المقسم الصناعي وما بُني عليه.

ثانياً: فيه حجز للأرض حقيقة للفريق الأول، وإن كان صورة صارت في يد الفريق الثاني، بحيث يستطيع الفريق الأول البائع أخذ الأرض من الفريق الثاني متى تأخَّر في السداد أو أحدث مخالفة، وهذا مخلٌّ في شروط صحة البيع، ونوع من أنواع أكل الأموال بالباطل، وهذا ما جاء صريحاً واضحاً في المادة الخامسة التي تبيح للفريق الأول فسخ العقد وتملك المقسم الصناعي وما بني عليه.

ثالثاً: فيه بيع وشرط، وهذا منهيٌّ عنه شرعاً، فقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن بيع وشرط. رواه الطبراني في الأوسط وأبو حنيفة في مسنده. وهذا واضح في المادة الخامسة التي لا تبيح للفريق الثاني أن يبيع أو أن يتنازل عن المقسم الذي اشتراه لأيِّ شخصٍ كان.

رابعاً: الجهالة المبدئية بعامل التثقيل، لأنه من الواجب على الفريق الأول أن يزيل هذه الجهالة قبل التخصيص، وهذا وارد في المادة السادسة.

خامساً: فيه شرط ربوي واضح وصريح، كما جاء في المادة التاسعة في حال عدم تسديد الأقساط في الموعد المحدَّد، يترتب على الفريق الثاني فوائد تأخير مركَّبة، وهذا حرام بنصِّ الكتاب والسنة، فالبيع الذي فيه رباً فاسد، أو فيه شبهة الربا، وهي مفسِدة للبيع كحقيقة الربا.

سادساً: فيه ترغيب لعملية القرض الربوي إذا رغب الفريق الثاني في ذلك، وذلك ظاهر في المادة الخامسة عشرة.

وبناء على ذلك:

فمن خلال قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُون}.

ومن خلال قول سيدنا عمر رضي الله عنه: (إِنَّ آخِرَ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ آيَةُ الرِّبَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ) رواه الإمام أحمد، والرِّيبة هي شبهة الربا.

ومن خلال الحديث الشريف: (نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن بيع وشرط) رواه الطبراني.

هذا العقد فاسد شرعاً، ولا يجوز إبرامه بالشروط المذكورة فيه. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45438 مشاهدة