أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6740 - «الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»

17-02-2015 4157 مشاهدة
 السؤال :
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ». فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ». لماذا في الهرج يكون الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ؟ وهل من يقتل في أيام الهرج وهو غير حامل للسلاح يكون في النار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6740
 2015-02-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ الصَّحِيحُ الذي رواه الإمام مسلم هوَ من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وشَرْطٌ من أَشرَاطِهَا، حَيثُ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ القَتْلُ في هذهِ الأُمَّةِ، ولا يَدْرِي القَاتِلُ لِغَيرِهِ بِأَيِّ سَبَبٍ قَتَلَ ذلكَ المَقْتُولَ،  أَبِحَقٍّ قَتَلَهُ أَم بِظُلْمٍ؟ ولا يَدْرِي المَقْتُولًُ فِيمَ قُتِلَ، أي على الحَقِّ أَم بِظُلْمٍ؟

يَقُولُ الإمامُ القُرطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، مُبَيِّنَاً مَعنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: القِتَالُ إذا كَانَ على جَهْلٍ من طَلَبِ دُنيَا، أو اتِّبَاعِ هَوَىً، فَهُوَ الذي أُرِيدَ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».

ويَقُولُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَأَمَّا كَوْنُ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ، وَيَكُونُ قِتَالُهُمَا عَصَبِيَّةً، وَنَحْوَهَا.

فالحَدِيثُ الشَّرِيفُ يَدُلُّ على أنَّ حَمْلَ السِّلاحِ على المُسلِمِ حَرَامٌ في حَدِّ ذَاتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ قَتْلٌ ولا قِتَالٌ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه الشيخان عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

وكذلكَ يَدُلُّ على أنَّ نِيَّةَ القِتَالِ هيَ في نَفْسِهَا إِثْمٌ، قَالَ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَقْتُولَ فِي النَّارِ لِأَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ». فِيهِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَنْ نَوَى الْمَعْصِيَةَ، وَأَصَرَّ عَلَى النِّيَّةِ يَكُونُ آثِماً، وإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا، وَلَا تَكَلَّمَ. اهـ.

وقد وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟

قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ».

وبناء على ذلك:

فالقَاتِلُ والمَقْتُولُ أَيَّامَ الهَرْجِ في النَّارِ، لأنَّهُ قِتَالٌ على الدُّنيَا، أو اتّبَاعٌ لِهَوَىً، وكُلُّ وَاحِدٍ حَرِيصٌ على قَتْلِ صَاحِبِهِ.

أمَّا مَن لَمْ يَحْمِلِ السِّلاحَ أَيَّامَ الفِتَنِ وقُتِلَ، فَلَيسَ مَشْمُولاً في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، لأنَّ المَشْمُولَ في الحَدِيثِ هوَ مَن حَمَلَ السِّلاحَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4157 مشاهدة