أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8607 - رفع صوت المرأة على زوجها

10-01-2018 32763 مشاهدة
 السؤال :
امرأة صاحبة دين واستقامة، ولكنها ترفع صوتها على زوجها حتى تسمع الجوار في حالة غضبها، فما حكمها في دين الله عز وجل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8607
 2018-01-10

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾. وَهَذِهِ المُعَاشَرَةُ مُتَبَادَلَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ حَقٍّ للزَّوْجَةِ، فَهُوَ حَقٌّ للرَّجُلِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾.

فَإِذَا كَانَ مِنْ حَقِّ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُعَاشِرَهَا بِالمَعْرُوفِ، فَكَذَلِكَ مِنْ حَقِّ الرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ تُعَاشِرَهُ بِالمَعْرُوفِ. هَذَا أولاً.

ثانياً: رَفْعُ صَوْتِ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا مِنْ سُوءِ الأَدَبِ في حَقِّ رَاعِي البَيْتِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَالقَيِّمُ عَلَى البَيْتِ وَالرَّاعِي لَهُ يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَحْتَرِمَهُ وَتُوَقِّرَهُ، وَأَنْ تُخَاطِبَهُ بِالأَدَبِ، وَأَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلى دَوَامِ الأُلْفَةِ وَالمَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَهُوَ مِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ، وَإِنْزَالِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ.

ثالثاً: إِنَّ رَفْعَ صَوْتِ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ بِسبٍّ أَو شَتْمٍ، أَو كَلَامٍ فَظٍّ غَلِيظٍ، حَرَامٌ شَرْعَاً، وَتَكُونُ المَرْأَةُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً لِرَبِّهَا، نَاشِزَةً تَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا، وَتَأْدِيبُهَا يَكُونُ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلَاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيَّاً كَبِيرَاً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمَاً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمَاً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحَاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمَاً خَبِيرَاً﴾.

وبناء على ذلك:

فَهَذِهِ المَرْأَةُ تُعْتَبَرُ نَاشِزَةً، وَعَاصِيَةً لِرَبِّهَا، بِرَفْعِ صَوْتِهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَإِذَا كَانَ زَوْجُهَا مُسِيئَاً فَعَلَيْهَا أَنْ تُعَالِجَ هَذِهِ الإِسَاءَةَ بِالأَدَبِ، لَا بِالجُرْأَةِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، بِرَفْعِ صَوْتِهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ في ذَلِكَ سَبٌّ أَو شَتْمٌ.

أَيْنَ هَذِهِ المَرْأَةُ مِنْ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ المَرْأَِةِ الصَّائِمَةِ المُصَلِّيَةِ المُنْفِقَةِ التي كَانَتْ تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ لِتَسْمَعْ هَذِهِ المَرْأَةُ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ (هُوَ اللَّبَنُ المُتَحَجِّرُ مِثْلُ الجُبْنِ) وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ».

وَأَيْنَ هَذِهِ المَرْأَةُ صَاحِبَةُ الدِّينِ وَالخُلُقِ مِنْ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ»؟ رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَيْنَ هَذِهِ المَرْأَةُ صَاحِبَةُ الدِّينِ وَالاسْتِقَامَةِ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾؟ فَهَلْ مَنِ اتَّصَفَتْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَى زَوْجِهَا؟

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: أَنْصَحُ الزَّوْجَ بِالصَّبْرِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَأَنْ لَا يُفَكِّرُ في طَلَاقِهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾.

وَعَلَى هَذَا الزَّوْجِ أَن يَعِيشَ بِالأَمَلِ المَوْعُودِ مِنَ اللهِ تعالى، وَالذي لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. وَمِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. وَمِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ﴾. وَلْيَذْكُرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرَاً﴾ اللَّهُمَّ حَسِّنْ أَخْلَاقَنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
32763 مشاهدة
الملف المرفق