أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2465 - ارتكب الفاحشة فظهر عليه مرض خطير ويريد التوبة

08-11-2009 31547 مشاهدة
 السؤال :
ذات يوم أخذني زميلي في رحلة إلى مكان وقال: إنه سيفاجئني به، وإذا به يأخذني إلى مكان ترتكب فيه الفاحشة، فرفضت وخرجت، ولكنه ارتكب الفاحشة، وبعد شهر ظهرت عليه علامات مرض خطير انتقل إليه من هذه الفعلة، وهو يريد التوبة، فما هو السبيل؟ وهل يجوز له الزواج بهذه الفتاة؟ وهل أكون آثماً لأني علمت بما سيفعل ولم أنصحه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2465
 2009-11-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً. وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) رواه البخاري ومسلم.

لذلك أوجب الله تعالى على المؤمنين أن يصاحبوا الصادقين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين}.

لذلك أقول لك: يا أخي انتقِ الصاحب الصالح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه أبو داود والترمذي. هذا أولاً.

ثانياً: الواجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن الله تبارك وتعالى يسأل عن صحبة ساعة، هل نصح الصاحب صاحبه؟ هل أمره بالطاعة؟ هل نهاه عن المعصية؟ لأن الله تعالى لعن بني إسرائيل لأنهم ما كانوا يتناهون عن منكر فعلوه، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون}.

ثالثاً: إن شاء الله تعالى أراد الله بصاحبك خيراً عندما ابتلاه الله عز وجل بالمرض بعد ارتكاب الفاحشة عسى أن يتوب إلى الله تعالى من هذه المعصية خاصة، ومن سائر المعاصي، لأن الله تعالى يقول في كتابه العظيم: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون}، فإذا رجع هذا العبد إلى الله تعالى فالله تعالى يقبله، لأنه هو القائل: {وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

فعليه أن يحقِّق شروط التوبة الصادقة من هذه الفاحشة، وذلك بالعزم على أن لا يعود إليها، ولا إلى أجوائها، ولا إلى أماكنها، ولا إلى أشخاصها.

ثم يجدِّد إيمانه، لأن المعصية لله تعالى تنقص الإيمان، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه البخاري ومسلم، فلولا النقص في الإيمان ما ارتكب العبد هذه الفاحشة، وكانت بداية نقص الإيمان من النظر، ثم من الكلام، ثم من المصافحة، ثم من الخلوة، حتى وقع في هذه الجريمة.

وعليه بعد تجديد الإيمان أن يكثر من العمل الصالح، ومن جملة العمل الصالح المحافظة على صلاة الجماعة، وخاصة صلاة الفجر والعشاء، وعلى حضور مجالس العلم، وصحبة الأبرار. ثم يكثر من الصدقة لأن الصدقة تطفئ غضب الربِّ جل جلاله.

وإذا كانت هذه الفتاة هو أول من زنى بها ـ والعياذ بالله تعالى ـ فأنا أنصحه بالزواج منها، وإلا فلا.

رابعاً: أما أنت فعليك بالتوبة والاستغفار من تقصيرك في حق صاحبك، كيف تراه يلقي نفسه في سخط الله تعالى دون أن تنصحه؟ عاهد الله تعالى أن تكون ناصحاً لجميع أصحابك ومذكِّراً لهم بالله تعالى، وذلك من خلال قول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، ومن خلال قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، لأن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر سببٌ لسلامتك كذلك، لأن سلامة صاحبك هي سلامتك.

أسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظنا جميعاً من فتنة النساء، وأن يشفي صاحبك من دائه، وأن يرزقنا وإياه وإياكم توبة صادقة نصوحاً إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31547 مشاهدة