أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2626 - حكم دفع الزكاة لغير المسلمين

19-01-2010 16587 مشاهدة
 السؤال :
لقد سمعنا من بعض الأفاضل بأن الزكاة يجوز دفعها لغير المسلمين وذلك من أجل تأليف قلوبهم للدخول في دين الله عز وجل، فهل هذا الكلام صحيح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2626
 2010-01-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الله تبارك وتعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا}. ولقد أعزَّ الله الإسلام بظهوره وغلبته على جميع الشرائع، كما قال تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}. وقد ظهر بفضل الله تعالى، لذلك لا يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين من أجل تأليف قلوبهم.

أما قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}. فقد صار حكم المؤلفة قلوبهم منسوخاً إما لزوال علة العطاء لهم وهي إعزاز الدين، وقد أعز الله الدين، وإما لنسخ الحكم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ) رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه.

وذكر السادة الحنفية بأن الإجماع انعقد على سقوط سهمهم من الزكاة، كما جاء في حاشية ابن عابدين وفتح القدير، وذلك لما ورد أنَّ الأقرع بن حابسٍ وعيينة بن حصنٍ جاءا يطلبان من أبي بكرٍ أرضاً، فكتب لهما بذلك، فمرّا على عمر، فرأى الكتاب فمزّقه، وقال: هذا شيء كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعطيكموه ليتألّفكم، والآن قد أعزّ الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن ثبتّم على الإسلام، وإلا فبيننا وبينكم السّيف، فرجعا إلى أبي بكرٍ، فقالا: ما ندري الخليفة أنت أم عمر؟ فقال: هو إن شاء، ووافقه. ولم ينكر أحد من الصّحابة ذلك.

لذلك انعقد إجماع الصحابة على ذلك، وقطعاً إجماعهم لا يكون إلا على مستند شرعي، ولكن كما قال الأصوليون: لا يَجِبُ عِلْمُنَا نَحْنُ بِدَلِيلِ الإِجْمَاعِ.

وبناء على ذلك:

فلا يجوز دفع زكاة المال لغير المسلمين ولو كان بقصد تأليف قلوبهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ). ولأن الله تعالى أعزَّ هذا الدين وأظهره، قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16587 مشاهدة