أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4558 - تحويل الدين من عملة محلية إلى أجنبية

01-12-2011 49573 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز للدائن أن يحوِّل الدين الذي هو في ذمَّة المدين من العملة المحلية إلى عملة أجنبية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4558
 2011-12-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فمن البيوع المنهي عنها شرعاً بيع الكالئ بالكالئ، وهو بيع النسيئة بالنسيئة، أو هو بيع الدين بالدين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه نهى عن هذا البيع، كما جاء في الحديث الذي رواه الحاكم والدارقطني عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الكَالِئِ بِالكَالِئِ). وقال: هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ.

وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز بيعِ الدين من المدين نفسه، وبيعِه من غيره.

ثانياً: الصِرافة ـ وهي بيع المال بالمال ـ جائزةٌ شرعاً إذا توافرت فيها شروطها، لأنَّها نوعٌ من أنواع البيوع، وقد قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه الإمام مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

واتفق الفقهاء على أنَّ من شروط الصرافة تقابض البدلين في مجلس العقد، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يَدًا بِيَدٍ). ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) رواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي رقم 75 (6/8):

رابعاً: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها .

وبناء على ذلك:

فلا يجوز تحويل الدَّين المترتِّب في ذمَّة المدين من عملة محليَّة إلى عملة أجنبية، وعلى أن يسدِّده إياه في الأجل المتفق عليه، لأنَّ هذا التحويل إما هو بيع دينٍ بدين، وهذا منهيٌ عنه شرعاً كما تقدَّم، وإما صرافة ومن شروط صحة عقد الصرافة، التقابض في مجلس العقد، وهذا غير مُحَقَّق في تحويل الدين، وهذا غير جائزٍ شرعاً، لأنَّه نوع من أنواع الربا المحرَّم شرعاً بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) رواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ولكن لا حرج عند الوفاء أن يفيه الدين بعملة أجنبية بسعر يوم الوفاء إذا تراضيا على ذلك، لأنه يعدُّ من باب بيع الدين بالنقد. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
49573 مشاهدة