أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7194 - توفيق بين آيتين

25-02-2016 2205 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْـمَوْتِ﴾. ويقول تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ﴾. فهل هناك ترابط بين هاتين الآيتين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7194
 2016-02-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّ صِفَاتِ الخَالِقِ غَيْرُ صِفَاتِ المَخْلُوقِ؛ فلا تَشَابُهَ، ولا تَنَاظُرَ، ولا تَمَاثُلَ؛ فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. فَهُوَ تَبَارَكَ وتعالى لا سَمِيَّ لَهُ، ولا كُفُؤَ لَهُ، ولا نِدَّ لَهُ، ولا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ جَلَّ وَعَلا ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

والإِنْسَانُ المُؤْمِنُ يُثْبِتُ للهِ تعالى مَا أَثْبَتَهُ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ، ولا يَنْفِي صِفَةً أَثْبَتَهَا اللهُ تعالى لِنَفْسِهِ، فَهُوَ لا يُشَبِّهُ اللهَ تعالى، ولا يُمَثِّلُهُ، ولا يُكَيِّفُهُ، ولا يُلْحِدُ في أَسْمَائِهِ، ولا يُحَرِّفُ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ؛ فَمَن شَبَّهَ اللهَ تعالى بِخَلْقِهِ فَقَد كَفَرَ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ تعالى بِهِ نَفْسَهُ فَقَد كَفَرَ.

وَاتَّفَقَ أَهْلُ المِلَّةِ على أَنَّ اللهَ تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لا في ذَاتِهِ، ولا في صِفَاتِهِ، ولا في أَفْعَالِهِ، مَوْصُوفٌ جَلَّ وَعَلا بِصِفَاتِ الكَمَالِ، مُنَزَّهٌ عَن صِفَاتِ النَّقْصِ، ولا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْطِقَ في ذَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وتعالى بِشَيْءٍ، بَلْ يَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ.

ثانياً: هَذَا الإِلَهُ العَظِيمُ الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، كَتَبَ المَوْتَ على كُلِّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ، حَتَّى على أَصْفِيَائِهِ وَأَحِبَّائِهِ، وعلى رَأْسِهِم خَلِيلُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾.

وبناء على ذلك:

فَصِفَاتُ الخَالِقِ غَيْرُ صِفَاتِ المَخْلُوقِ، فَكُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ، أَمَّا بالنِّسْبَةِ لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ في حَقِّ ذَاتِهِ العَلِيَّةِ: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾. فَهُوَ وَحْدَهُ الحَيُّ الذي لا يَمُوتُ، والإِنْسُ والجِنُّ جَمِيعَاً يَمُوتُونَ، وَكَذَلِكَ المَلائِكَةُ، وَحَمَلَةُ العَرْشِ، وَمَلَكُ المَوْتِ، وَجِبْرِيلُ؛ وَيَنْفَرِدُ الوَاحِدُ الأَحَدُ القَهَّارُ بالدَّيْمُومَةِ والبَقَاءِ تَبَارَكَ وتعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2205 مشاهدة