أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1389 - ينصح أخواته فتعارضه والدته فماذا يفعل؟

15-09-2008 12000 مشاهدة
 السؤال :
أنا متزوج، ولي عشر أخوات يقعن في بعض المخالفات الشرعية، وعندما أقوم بنصيحتهن يقف الأهل في وجهي، وفي المرة الأخيرة نصحت أختي فشتمتني وأيدتها أمي في ذلك بحجة أن نصيحتي لها ظلم، فأرجو الإجابة عن السؤاليتن التاليين: 1ـ أنا لم أذهب إلى بيت أهلي منذ تلك الحادثة منذ شهر تقريباً، فما الحل، مع العلم بأن أهلي وقفوا إلى جانب أختي ضدي. 2ـ أنا أبحث عن فرصة عمل في دولة أخرى وكان أهلي دائماً يشجعوني بشرط أن لا تكون دمشق أو سوريا هي الدولة، لأن أهل زوجتي هناك، فهل أكون آثماً إن ذهبت إلى الشام للعمل دون رضاهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1389
 2008-09-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإني أذكرك وأذكر نفسي أولاً بقول الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون}، فربنا جلَّت قدرته يأمرنا أن نصحب الوالدين بالمعروف إذا أمرا بالكفر، فكيف لا نصحبهم بالمعروف إذا أقرَّا بالمنكر؟

لذلك أقول لك يا أخي الكريم: مر أخواتك بالمعروف، وانههنَّ عن المنكر بأسلوب لطيف، لأنهم قالوا: إذا كنت آمراً بالمعروف فليكن أمرك بمعروف، وإذا نهيت عن منكر فليكن نهيك بمعروف، وتذكَّر قول الله تعالى لسيدنا موسى وهارون عليهما السلام عندما أرسلهما إلى فرعون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.

ثانياً: يجب عليك أن تعلم كذلك بأنك لست مسؤولاً عنهنَّ يوم القيامة بعد أمرك لهنَّ بالمعروف ونهيك لهنَّ عن المنكر، فالمسؤولية تقع على عاتق والديك، فمهمَّتك أن تذكرهنَّ بالله تعالى وبالأحكام الشرعية بأسلوب حسن، ثم الدعاء لهنَّ بظهر الغيب، ثم تفوِّض أمرك وأمرهن إلى الله تعالى.

ثالثاً: أمر طبيعي أن يلقى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ردّاً قاسياً من المدعوّ، ولولا ذلك لما أمر الله تعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بالصبر على قومه بعد دعوتهم، ولما أمر سيدنا لقمانُ ولده بالصبر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُون}، وقال سيدنا لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور}.

ويقول صلى الله عليه وسلم بشكل عام: (صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ) رواه أحمد، ويقول صلى الله عليه وسلم: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، ويقول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين * وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم}.

وبناء على ذلك:

1ـ صل والديك وأخواتك، وتحلَّ مع الجميع بالأخلاق الحسنة، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر بأسلوب حسن، واصبر بعد ذلك على الإساءة إن صدرت حتى تتمكَّن من قلوب أخواتك بسبب الخلق الحسَن، فإنك بعد ذلك ستجد الثمرة الطيبة إن شاء الله تعالى.

2ـ أما بالنسبة لعملك في سورية بلدة زوجتك، فإذا تمكَّنت من تأمين العمل في بلد آخر وزوجتك ترضى بذلك فليكن، وإلا فلا حرج من العمل في بلدة زوجتك مع محاولتك إقناع والديك بحاجتك إلى العمل في تلك البلد، فإن اقتنعا فبها ونعمت، وإلا فلا يضرّك العمل إن شاء الله تعالى في بلدة زوجتك، وأكثر من الدعاء لوالديك وأخواتك. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12000 مشاهدة