أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

755 - رجل يهين زوجته لتقبل رجله أمام الناس

04-01-2008 447 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الإسلام في الزوج الذي يهين زوجته بأن تقبل رجله أمام الناس، ويوجه الكلام المهين والبذيء أمام أولاده، ويحرمها من أهلها وكل من يلوذ بها ويأمرها بأن يصرف أهلها عليها وهي عنده، وترعى أولادها، يحمل في قلبه الحقد والبغض مع أنه يصلي وحج كثيراً، فهل هذا يجوز؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 755
 2008-01-04

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الواجب على المسلم أن يعرف الأحكام الشرعية في المعاملات، كما يجب عليه أن يعرف الأحكام الشرعية في العبادات، فمن أتقن العبادة ظهرت آثارها في المعاملة، وإذا صحت المعاملة قبلت العبادة. وإلا فإن أجر العبادات يذهب إلى غير العابد، كما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) رواه مسلم. فالزوج عليه أن يرعى عباداته، وألا يضيع ثوابها بظلمه للزوجة، وصاحب الدين والخلق هو الذي يسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم) رواه ابن عساكر. أنسي الزوج قول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ}؟ أنسي الزوج قول الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}؟ أنسي الزوج قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}؟ أنسي الزوج قول الله في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) رواه مسلم. أنسي الزوج قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) رواه مسلم. يجب على الزوج أن يعلم كيف يعالج نشوز المرأة من خلال القرآن العظيم، إذا كانت الزوجة ناشزة، عليه أن يسلك الطريق الذي بينه الله للأزواج بقوله {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}. عليه أولاً بالوعظ بالكلمات الطيبة، فإذا اتعظت الزوجة فبها ونعمت، وإلا هجرها في فراشها، فإذا اتعظت فبها ونعمت وإلا ضربها ضرباً غير مبرح- والكرام والأخيار لا يضربون - يضربها للتأديب لا للإيلام، وإذا علم الزوج أن الضرب الخفيف لا يؤدب الزوجة يحرم عليه كذلك ضربها، لأنه لا يجوز بحالة من الأحوال أن يضربها ضرباً مؤلماً شديداً، فإذا اتعظت بالضرب الخفيف فبها ونعمت، وإلا أُرسل حكم من أهله وحكم من أهلها لحل الخلاف، فإذا توصلا إلى حلٍّ فبها ونعمت، وإلا طلَّقها زوجها طلقة رجعية واحدة، وتبقى في بيت الزوجية. هكذا علم الإسلام الرجال وخاصة الملتزم منهم بالعبادات، أما الضرب المبرح وإكراه الزوجة على تقبيل يد الزوج ورجله مع الكلام الفاحش فهذا لا يجوز شرعاً، ويكون الزوج آثماً، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع إلى صوابه، ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه ابن ماجه. ولا يجوز للزوج أن يحرم زوجته من أهلها، لأن الله تعالى يأمر بصلة الأرحام قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} ويحرم قطيعة الأرحام قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}. ويقول تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} كيف يأمرها بقطيعة الرحم، ويمنعها وهو مسلم؟ وبالمقابل يجب على الزوجة أن تقوم ببرِّ زوجها وطاعته في غير معصية، وألا تحيج زوجها إلى ضربها أو إهانتها، ولتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله تعالى عليها) رواه الحاكم في المستدرك. وقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم حتى يرجعوا: العبد الآبق، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. على المرأة المسلمة أن تهتم بنفسها لإعفاف زوجها، وأن تهتم بنظافة بيتها لإرضاء زوجها، وأن تهتم بتربية أبنائها لسعادتها وسعادة زوجها. وأن يعلم كل من الزوجين بأنه ما من شقاء في بيت من البيوت إلا بسبب معصية، لقول الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، والله تعالى يقول: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}. الحياة الطيبة بالإيمان والعمل الصالح، وحياة الشقاء بسبب الإعراض. وليعلم كل من الزوجين أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فليكثر كلٌّ من الزوجين من الدعاء بعد التوبة والاستغفار حتى يصلح ربنا الأحوال، ويجب على الزوجة أن تصبر وتصابر، لأن أجر الصابر لا يعلمه إلا الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. ونسأل الله أن يرزقنا حسن الأخلاق والأعمال وأن يصرف عنا سيء الأخلاق والأعمال. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
447 مشاهدة
الملف المرفق