أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1524 - حكم التلفيق والأخذ بالأيسر

17-11-2008 13465 مشاهدة
 السؤال :
كيف يمكنني التوفيق بين المذاهب في مسائل الخلاف؟ هل يجوز أن آخذ بالأيسر بالنسبة لي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1524
 2008-11-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنَّ العمل بتقليد المذاهب والأخذ في قضية واحدة بقولين أو أكثر للوصول إلى حقيقة مركبة لا يقرها أحد من الفقهاء لا يجوز شرعاً، فمن عمل في قضية واحدة بقولين أو أكثر فإن عمله يكون باطلاً، واعتبر بعضُ الفقهاءِ العاملَ فاسقاً.

أما تتبّع الرخص في قضايا متعددة بحيث يأخذ من كل قضية من القضايا قولاً من أقوال الفقهاء المعتمدين من المذاهب الأربعة فلا حرج في ذلك، كما قال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: وللعامي أن يعمل برخص المذاهب، لأنَّ الأخذ بالرخص محبوب، ودين الله يسر، و ما جعل عليكم في الدين من حرج.

وقد بيَّن الفقهاء بأنه ما كان من العبادات المحض فإنه يجوز الأخذ بالأيسر، لان التنطّع يؤدي إلى الهلاك، وقد جاء في الحديث الشريف: (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ) قَالَهَا ثَلاثًا. ر واه مسلم. هذا أولاً .

ثانياً : ما كان في العبادات المالية فإنه يجب التشدّد فيها احتياطاً، خشية ضياع حقوق الفقراء، فينبغي على المزكي أن لا يأخذ بالقول الضعيف حتى لا يضيع حق الفقير، و على المفتي أن يفتي بهذا النوع بما هو الأحوط والأنسب في حق الفقير.

ثالثاً: أما ما كان في المحظورات فإنه يجب الاحتياط والأخذ بالورع مهما أمكن، لأن الله تعالى لا ينهى عن شيء إلا لمضرته، فلا يجوز فيها التسامح أو تتبّع الرخص إلا عند الضرورات الشرعية، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وقد جاء في الحديث: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ) رواه مسلم. فالأمر قيَّده بالاستطاعة، والنهي أطلقه لدفع الضرر المنهي عنه.

ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرامُ الحلالَ. ويقول صلى الله عليه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ) رواه الإمام أحمد.

رابعاً: وأما في المعاملات فيؤخذ من المذاهب الأربعة المعتمدة ما هو أقرب إلى مصلحة العباد وسعادتهم.

خامساً: وأما في المناكحات فلا يجوز تتبّع الرخص فيها حتى لا يتلاعب الناس في أقضية النكاح والطلاق، وذلك للقاعدة الشرعية وهي: (أنَّ الأصل في الأبضاع التحريم). صيانة لحقوق النساء والأنساب.

وبناء على ما تقدم:

فإنه يؤخذ بتتبّع الرخص في العبادات المحضة كالصلاة والصيام، كما يؤخذ في تتبّع الرخص في المعاملات المالية عند الحاجة والضرورة، على أن يكون المصدر لذلك من المذاهب الأربعة المعتمدة لا من الأقوال الشاذة.

أما في العبادات المالية والمحظورات والمناكحات فلا يجوز تتبع الرخص فيها صيانة لحقوق الآخرين، ولدفع الضرر، وصيانةً للنساء والأنساب. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
13465 مشاهدة