أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

616 - حكم الزواج من أكثر من امرأة

03-03-2008 10761 مشاهدة
 السؤال :
الزواج الثاني في رأي المجتمع الذي نعيشه في مدينتنا....... هل هو نعمة أم نقمة؟ نرجو من سماحتكم التركيز على هذا الموضوع الذي يثير الجدل والنقاش العقيم في مجتمع يكاد يكون مسيحياً على هذا الصعيد.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 616
 2008-03-03

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

1. فيجب على المسلم أن يعتقد بأن ما شرعه الله لنا هو نعمة، ولن يكون نقمة في حالة من الأحوال، إذا كان المسلم يتعامل مع النعمة كما أراد المنعم، ولكن العبد إذا أساء التعامل مع النعمة وكان على خلاف ما أراد المنعم لا شك سوف تنقلب النعمة إلى نقمة، وذلك ليتحقق قول الله عز وجل: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}

2. يجب على المسلم أن يعرف الحكم الشرعي في كل قضية، وأن يبعد الهوى والعاطفة عن صدور الحكم، وإن الحكم الشرعي في تعدد الزوجات اختلف الفقهاء في حكمه.

فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يستحب أن لا يزيد الرجل في النكاح على امرأة واحدة من غير حاجة ظاهرة، إن حصل بها الإعفاف، لما في الزيادة على الواحدة من التعرض للمُحرَّم، قال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا ولو حرصتم}.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل) رواه النسائي.

وذهب الحنفية إلى أن التعدد مباح إلى أربع، إذا أمن عدم الجور بينهن، فإن لم يأمن اقتصر على ما يمكنه العدل بينهن، فإن لم يأمن اقتصر على واحدة، لقوله تعالى: {وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعولوا}. وقد اتفق الفقهاء على جواز الجمع بين أربع زوجات، وذلك لصراحة القرآن الكريم في قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثُلاث ورباع}. بشرط العدل، فإذا انعدم هذا الشرط حرم التعدد، قال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تعولوا}.

وقد بين الفقهاء أن العدل المشروط هنا، هو العدل في النفقة والمسكن والمبيت وحسن المعاشرة، وهو العدل الظاهر المقدور عليه للإنسان، أما ما وراء ذلك من الميل القلبي فليس مشروطاً، وليس داخلاً في العدل المطلوب بالإنفاق، وقد أشار القرآن العظيم إلى ذلك بقوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً}. والمقصود من الآية الميل القلبي، والله تعالى لا يكلف بما ليس بوسع الإنسان، فالقلب منفعل وليس بفاعل، ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).

وقد اتفق الفقهاء بأن الزوج إذا كان متيقناً بأنه لا يستطيع أن يعدل يحرم عليه أن يتزوج بالثانية، وإذا تزوج يكون آثماً.

وبناء على ذلك:

1.  فالتعدد بشكل عام أمر مباح، وليس واجباً ولا سنة، وقد ينتقل من الإباحة إلى الوجوب، إذا كان زوجة واحدة لا تكفيه، ويخشى على نفسه من الوقوع في الفاحشة، بشرط أن يكون واثقاً من نفسه بأنه يستطيع العدل بينهما، وقد يصبح الأمر المباح حراماً إذا كان يعلم بأنه لن يعدل بين الزوجات.

2.  الإنسان على نفسه بصيرة، فإذا كان يريد التعدد في الزواج تطبيقاً لقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم مثنى وثُلاث ورباع}. وهذا الأمر للإباحة وليس للوجوب ولا للسنية، فلا حرج عليه، على أن يكون واثقاً من نفسه بأنه قادر على العدل.

3.  وأما إذا كان عالماً بأنه عاجز عن العدل حرم عليه الزواج بالثانية.

ولذلك أقول أخيراً: البعض أصبح يرى التعدد نقمة ولم يره نعمة وانقلبت حياته إلى جحيم بسبب التعدد، مردُّ هذا الأمر للتجاوزات الشرعية من قبل الزوجة أو الزوج أو كليهما، وإلا فلو التزم الزوجان بالأحكام الشرعية في قضية التعدد لعاش الزوجان بسعادة لا شقاوة فيها. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10761 مشاهدة