أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6196 - هل يتزاور أهل القبور؟

14-03-2014 12938 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن الموتى يتزاورون في قبورهم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6196
 2014-03-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى الإمام مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْماً فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ، حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ».

وروى البيهقي عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَن وَلِيَ أَخَاهُ فَلْيُحسِنْ كَفَنَهُ، فَإِنَّهُم يَتَزَاوَرونَ فِيهَا».

وروى البزار عن رَبيعَةَ بن نَاجِدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لمَّا كَانَ يَومُ صِفِّينَ قَالَ عَمَّارُ: اليَومَ أَلقَى الأَحِبَّةَ، مُحَمَّداً وحِزبَهُ، لَقَد قَاتَلتُ بِهذهِ الرَّايَةِ ثَلاثاً مَعَ رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهذهِ الرَّابِعَةُ.

وجاءَ في كِتابِ الشِّفا في تَعريفِ حُقوقِ المُصطَفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ولمَّا احتُضِرَ بِلالٌ رَضِيَ اللهُ عنهُ نَادت امرَأَتُهُ: وَاحُزناهُ.

فقالَ: وَاطَرَبَاهُ، غَداً أَلقَى الأَحِبَّةَ، مُحَمَّداً وحِزبَهُ.

فالإنسانُ بَعدَ مَوتِهِ يَخرُجُ من عَالَمِ الدُّنيا إلى عَالَمِ البَرزَخِ، وهوَ عَالِمٌ ما بَينَ الدُّنيا والآخِرَةِ، وهوَ عَالَمٌ غَيبِيٌّ لا يَعلَمُ حَقيقَتَهُ إلا اللهُ تعالى، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ ارْجِعُون * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون﴾.

ويُطلَقُ على عَالَمِ البَرزَخِ عَالَمَ القَبرِ، لأنَّ جُلَّ المَوتى يُدفَنونَ في القُبورِ.

وبناء على ذلك:

فالمَوتَى يَتَزَاوَرونَ في قُبورِهِم، ولهذا قالَ الفُقَهاءُ: يُستَحَبُّ تَحسينُ الأكفانِ للمَوتَى، ويَقولُ ابنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في فَتاوِيهِ: إنَّهُم يَتَزَاوَرونَ، سَواءٌ أكانَتِ المَدَائِنُ مُتَقَارِبَةً في الدُّنيا أم مُتَبَاعِدَةً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
12938 مشاهدة