أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4038 - حلف بالطلاق ليمنع أخته من زيارة أمه

25-06-2011 103 مشاهدة
 السؤال :
اختلفت مع أختي من أجل زيارة أمي المريضة في المستشفى، فقلت لها: إن ذهبت لزيارتها فزوجتي طالق مني بالثلاث طلاقاً لا رجعة فيه، فحلفت أختي بالله العظيم أنها لن تزور أمي أبداً بعد اليوم، فما حلُّ هذه المشكلة على النحو الذي يرضي ربنا عز وجل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4038
 2011-06-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: قَطِيعَةُ الرَّحِمِ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ، وَالوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا في بِرِّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ لَا العَكْسُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.

ثانياً: ذَكَرَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ أَنَّ الطَّلَاقَ المُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ إِذَا حَصَلَ الشَّرْطُ، وَإِذَا قُرِنَ الطَّلَاقُ بِعَدَدٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى حَسَبِ العَدَدِ، فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِالثَّلَاثَةِ، أَو عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِالثَّلَاثِ عَلَى أَمْرٍ، وَحَصَلَ ذَلِكَ الأَمْرُ، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بَيْنُونَةً كُبْرَى، وَلَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

وَهُنَاكَ بَعْضُ العُلَمَاءِ مَنْ خَالَفَ المَذَاهِبَ الأَرْبَعَةَ وَجَعَلَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَأَنَا لَا أُفْتِي بِهَذَا القَوْلِ.

ثالثاً: إِذَا حَلَفَ الإِنْسَانُ يَمِينًا بِاللهِ العَظِيمِ عَلَى تَرْكِ مَعْرُوفٍ أَو فِعْلِ مُنْكَرٍ مِنَ المُنْكَرَاتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْنَثَ في يَمِينِهِ وَيُكَفِّرَ عَنْهُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَو كِسْوَتِهِمْ أَو تَحْرِيرِ رَقَبَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

أولاً: يَجِبُ عَلَى أُخْتِكَ أَنْ لَا تَزُورَ أُمَّهَا في المُسْتَشْفَى مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلَى بَيْتِكَ مِنَ الخَرَابِ، لِأَنَّهَا لَو ذَهَبَتْ إلى المُسْتَشْفَى بِقَصْدِ زِيَارَةِ أُمِّهَا فَإِنَّ زَوْجَتَكَ لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ.

ثانياً: عَلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْكَ حَيْثُ تَمْنَعُ أُخْتَكَ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ هُنَاكَ مُبَرِّرٌ شَرْعِيٌّ لَكَ، وَكَانَ اللَّائِقُ بِكَ أَنْ تَمْنَعَ أُخْتَكَ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا في المُسْتَشْفَى إِذَا وُجِدَ المُبَرِّرُ الشَّرْعِيُّ لِذَلِكَ، وَلَكِنْ بِدُونِ تَعْلِيقِ الأَمْرِ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِكَ، لِأَنَّكَ تَكُونُ ظَالِمًا لِزَوْجَتِكَ في هَذِهِ الحَالَةِ.

ثالثاً: عَلَى أُخْتِكَ أَنْ تَزُورَ أُمَّهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنَ المُسْتَشْفَى وَتُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهَا بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعَلَيْهَا بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
103 مشاهدة
الملف المرفق