أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6555 - طلاق الموسوس

28-10-2014 16254 مشاهدة
 السؤال :
هل يقع طلاق الموسوس، إذا تلفظ به بسبب الوسواس القهري عن غير قصد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6555
 2014-10-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ على العَبدِ أن يَعلَمَ بأنَّ الشَّيطَانَ عَدُوٌّ لَهُ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوَّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾. فالشَّيطَانُ لَهُ هَجَمَاتٌ على قَلبِ الإنسَانِ يُتعِبُهُ بِهَا حَتَّى يُكَدِّرَ عَلَيهِ حَيَاتَهُ، لأنَّهُ حَرِيصٌ على تَكدِيرِ حَيَاةِ المُسلِمِ، كَمَا أنَّهُ حَرِيصٌ على إفسَادِ دِينِهِ ـ والعِيَاذُ باللهِ تعالى ـ.

لذلكَ وَجَبَ على العَبدِ أن يَستَعيذَ باللهِ تعالى من شَرِّهِ، قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ باللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

ثانياً: من ابتُلِيَ بِمِثْلِ هذا الوَسوَاسِ القَهْرِيِّ، عَلَيهِ أن يُعرِضَ عَنهُ كُلِّيَّاً، وإنَّهُ لا يَضُرُّهُ إن شَاءَ اللهُ تعالى، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: روى الإمام أحمد والحاكم عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُا قَالَت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ». فمن طَلَّقَ زَوجَتَهُ عن غَيرِ قَصْدٍ، بِسَبَبِ الإغلاقِ عَلَيهِ، فإنَّ طَلاقَهُ لا يَقَعُ، ومن ابتُلِيَ بالوَسوَاسِ القَهْرِيِّ فهوَ مَغلُوبٌ على عَقْلِهِ في ذلكَ.

ونَقَلَ ابنُ عَابدِينَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عن اللَّيثِ: في مَسأَلَةِ طَلاقِ المُوَسوِسِ: أنَّهُ لا يَجُوزُ طَلاقُ المُوَسوِسِ، قَالَ: يَعنِي المَغلُوبَ في عَقْلِهِ. اهـ.

ونَقَلَ ابنُ القَيِّمِ: إنَّ المُطَلِّقَ إذا كَانَ زَائِلَ العَقْلِ بِجُنُونٍ أو إغمَادٍ أو وَسوَسَةٍ لا يَقَعُ طَلاقُهُ، قَالَ: وهذا المَخلَصُ مُجمَعٌ عَلَيهِ بَينَ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ.

وبناء على ذلك:

فإذا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوجَتَهُ بِسَبَبِ الوَسوَاسِ القَهْرِيِّ، فإنَّ طَلاقَهُ لا يَقَعُ، ولو تَلَفَّظَ بِهِ، لأنَّهُ مَا يَقْصِدُ الطَّلاقَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16254 مشاهدة