31ـ أشراط الساعة: وجود البأس بين المسلمين

31ـ أشراط الساعة: وجود البأس بين المسلمين

 

 أشراط الساعة

31ـ وجود البأس بين المسلمين

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، والتي ظَهَرَتْ، وَمَا زَالَتْ، بَل هيَ في ازْدِيَادٍ، وُجُودُ البَأْسِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.

روى الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَو اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا ـ أَوْ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا ـ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضَاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضَاً».

وروى أيضَاً عَن عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِن الْعَالِيَةِ، حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ ـ مَسْجِدِ الإِجَابَةِ ـ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثَاً، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا».

وروى الإمام أحمد عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

وروى أَيْضَاً عَن الْحَسَنِ أَنَّ أَسِيدَ بْنَ الْمُتَشَمِّسِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى مِنْ أَصْبَهَانَ، فَتَعَجَّلْنَا وَجَاءَتْ عُقَيْلَةُ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَا فَتَىً يُنْزِلُ كَنَّتَهُ ـ قَالَ: يَعْنِي أَمَةَ الْأَشْعَرِيِّ ـ.

فَقُلْتُ: بَلَى؛ فَأَدْنَيْتُهَا مِنْ شَجَرَةٍ فَأَنْزَلْتُهَا، ثُمَّ جِئْتُ فَقَعَدْتُ مَعَ الْقَوْمِ.

فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَاً كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُحَدِّثُنَاهُ.

فَقُلْنَا: بَلَى يَرْحَمُكَ اللهُ.

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا «أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ».

قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟

قَالَ: «الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ».

قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؟

قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضَاً، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ».

قَالُوا: سُبْحَانَ اللهِ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا؟

قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ».

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تُدْرِكَنِي وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الْأُمُورُ، وَمَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجَاً فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، إِلَّا أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْنَاهَا لَمْ نُحْدِثْ فِيهَا شَيْئَاً.

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمَاً﴾:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد حَذَّرَنَا رَبُّنَا عزَّ وجلَّ من الفُرْقَةِ، وأَمَرَنَا بالاجْتِمَاعِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانَاً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ وقَالَ تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمَاً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

بَل بَيَّنَ لَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَنَّ طَرِيقَ اللهِ تعالى وَاحِدٌ لا تَعَدُّدَ فِيهِ، وطُرُقَ الضَّلالَةِ مُتَعَدِّدَةٌ لا حَصْرَ لَهَا، والفُرْقَةُ ثَمَرَةٌ لاتِّبَاعِ السُّبُلِ المِعْوَجَّةِ، روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ خَطَّاً ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ».

ثُمَّ خَطَّ خُطُوطَاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ ـ قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَةٌ ـ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ». ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمَاً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾.

أَسْبَابُ الفُرْقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ:

أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ الفُرْقَةَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ لَهَا أَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ، من أَهَمِّ أَسْبَابِهَا:

أولاً: البُعْدُ عَن دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ:

أيُّها الإخوة الكرام: من أَسْبَابِ الفُرْقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ بُعْدُهَا عَن دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهذهِ الأُمَّةُ لا يُصْلِحُ حَالَهَا إلَّا دِينُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وإلَّا عَادَتْ إلى مَا كَانَتْ عَلَيهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانَاً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.

فَكُلَّمَا بَعُدَتْ هذهِ الأُمَّةُ عَن دِينِهَا كُلَّمَا عَادَتْ إلى هَمَجِيَّتِهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ خَلْدُونَ: العَرَبُ أُمَّةٌ هَمَجِيَّةٌ، ولا يَسُوسُهَا ولا يُهَذِّبُهَا إلا الدِّينُ.

ثانياً: الرُّكُونُ إلى الدُّنيَا:

أيُّها الإخوة الكرام: من أَسْبَابِ الفُرْقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ الرُّكُونُ إلى الدُّنيَا، لأَنَّ الرُّكُونَ إِلَيهَا يَقْطَعُ أَوَاصِرَ المَحَبَّةِ والمَوَدَّةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الأُمَّةِ، التِي جَاءَت في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».

أيُّها الإخوة الكرام: الرُّكُونُ إلى الدُّنيَا أَفْقَدَ هذهِ الأُمَّةَ المَعَانِيَ السَّامِيَةَ، كالرَّحْمَةِ والرَّأْفَةِ والإِيثَارِ، فَعَاشَتْ في مَادِّيَّةٍ قَاتِلَةٍ أَذْهَبَتْ بِجَمَالِهَا وعِزَّتِهَا وكَرَامَتِهَا، وأَحَالَتْهَا قَبِيحَةً مُنَفِّرَةً.

ثالثاً: الفَظَاظَةُ والغَلاظَةُ:

أيُّها الإخوة الكرام: من أَسْبَابِ الفُرْقَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ الفَظَاظَةُ والغَلاظَةُ فِيمَا بَيْنَهُم، مَعَ عِلْمِ الجَمِيعِ بِأَنَّهُ لا يُوجَدُ أَلْطَفُ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

جَاءَ في كِتَابِ الشِّفَا بِتَعْرِيفِ حُقُوقِ المُصْطَفَى، أَنَّ أَعْرَابِيَّاً جَاءَ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئَاً فَأَعْطَاهُ، ثمَّ قَالَ: «أَأَحْسَنْتُ إِلَيكَ؟».

قَالَ الأَعْرَابِيُّ: لا، ولا أَجْمَلْتَ.

فَغَضِبَ المُسْلِمُونَ وَقَامُوا إِلَيهِ؛ فَأَشَارَ إِلَيهِم أَنْ كُفُّوا، ثمَّ قَامَ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَأَرْسَلَ إِلَيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَزَادَهُ شَيْئَاً.

ثمَّ قَالَ: «أَأَحْسَنْتُ إِلَيكَ؟».

قَالَ: نَعَم، فَجَزَاكُ اللهُ من أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرَاً.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّكَ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَفِي نَفْسِ أَصْحَابِي من ذلك شَيْءٌ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَقُلْ بَيْنَ أَيْدِيهِم مَا قُلْتَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ مَا فِي صُدُورِهِم عَلَيكَ».

قَالَ: نَعَم.

فَلَمَّا كَانَ الغَدُ أو العَشِيُّ جَاءَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ هذا الأَعْرَابِيَّ قَالَ مَا قَالَ، فَزِدْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَضِيَ، أَكذلكَ؟».

قَالَ: نَعَم، فَجَزَاكُ اللهُ من أَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ خَيْرَاً.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «مَثَلِي وَمَثَلُ هذا مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ نَاقَةٌ شَرَدَتْ عَلَيهِ، فَاتَّبَعَهَا النَّاسُ، فَلَمْ يَزِيدُوهَا إلا نُفُورَاً، فَنَادَاهُم صَاحِبُهَا: خَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ نَاقَتِي، فَإِنِّي أَرْفَقُ بِهَا مِنكُم وَأَعْلَمُ، فَتَوَجَّهَ لَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَأَخَذَ لَهَا من قُمَامِ الأَرْضِ فَرَدَّهَا، حَتَّى جَاءَتْ واسْتَنَاخَتْ وَشَدَّ عَلَيهَا رَحْلَهَا واسْتَوَى عَلَيهَا؛ وَإِنِّي لَو تَرَكْتُكُم حَيْثُ قَالَ الرَّجُلُ مَا قَالَ فَقَتَلْتُمُوهُ دَخَلَ النَّارَ».

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد تَمَزَّقَتِ الأُمَّةُ، وصَارَ بَأْسُهَا بَيْنَهَا شَدِيدَاً، حَتَّى وُضِعَ السَّيْفُ في هذهِ الأُمَّةِ، ولَنْ يُرْفَعَ عَنهَا إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، وهذا مَا نَرَاهُ في العَالَمِ الإِسْلامِيِّ، قِتَالُ المُسْلِمِينَ مَعَ بَعْضِهِمُ البَعْضِ، فَمَا أَنْ يَهْدَأُ في مِنْطَقَةٍ أو بَلَدٍ حَتَّى يَنْشَبَ في مِنْطَقَةٍ أُخْرَى أو بَلَدٍ ثَانِيَةٍ، سَوَاءٌ على مُسْتَوَى الأَفْرَادِ والقَبَائِلِ، أو على مُسْتَوَى الدُّوَلِ والمَنَاطِقِ، وإلى اللهِ تعالى المُشْتَكَى. أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَهُ كَفَّارَةً لهذهِ الأُمَّةِ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً، وطَهِّرْ قُلُوبَنَا من الحِقْدِ والغِلِّ والحَسَدِ، وطَهِّرْ أَيْدِينَا من دِمَاءِ المُسْلِمِينَ، وأَلْسِنَتَنَا من أَعْرَاضِهِمْ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 2/ شعبان /1436هـ، الموافق: 20/أيار / 2015م

 2015-05-20
 3659
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أشراط الساعة

23-12-2015 12565 مشاهدة
51ـ أشراط الساعة: تقارب الزمان

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي حَدَّثَنَا عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَلَمَّا تَظْهَرْ بَعْدُ، تَقَارُبُ الزَّمَانِ، وَقَد وَقَعَ مَبَادِيهِ وَلَمْ يَسْتَحْكِمْ. ... المزيد

 23-12-2015
 
 12565
09-12-2015 17551 مشاهدة
50ـ أشراط الساعة: قلة الرجال, وكثرة النساء

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي تَحَدَّثَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ذَهَابُ الرِّجَالِ، وَكَثْرَةُ النِّسَاءِ، بِحَيْثُ يَكُونُ لِكُلِّ خَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ. ... المزيد

 09-12-2015
 
 17551
02-12-2015 6142 مشاهدة
49ـ أشراط الساعة: مرور الرجل بقبر, يتمنى لو كان مكانه

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، والتي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ بِشَكْلٍ عَامٍّ؛ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرٍ من القُبُورِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، ... المزيد

 02-12-2015
 
 6142
25-11-2015 27709 مشاهدة
48ـ أشراط الساعة: الريح الطيبة التي تأخذ أرواح المؤمنين

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: إِرْسَالُ رِيحٍ لَطِيفَةٍ بَارِدَةٍ تَقْبِضُ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ، ... المزيد

 25-11-2015
 
 27709
17-11-2015 5557 مشاهدة
47ـ أشراط الساعة: شمول الإسلام أرجاء المعمورة

مِن عَلَامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ: اِنْتِشَارُ الإِسْلَامِ في أَرْجَاءِ المَعْمُورَةِ، حَتَّى يَشْمَلَ جَمِيعَ مَا على سَطْحِ الأَرْضِ، بِحَيْثُ لا يَبْقَى بَيْتُ حَجَرٍ، ولا وَبَرٍ، ولا مَدَرٍ، إلا وَيَدْخُلُهُ هذا الدِّينُ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، ... المزيد

 17-11-2015
 
 5557
11-11-2015 10589 مشاهدة
46ـ أشراط الساعة: نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيُّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ. ... المزيد

 11-11-2015
 
 10589

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411927994
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :