أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2449 - نذر صيام شهر كلما وقع في العادة السرية ووقع فيها 700 مرة

29-10-2009 16967 مشاهدة
 السؤال :
رجل مبتلى بالعادة السرية، فقال: لله على أن أصوم شهراً كاملاً كلَّما وقعت في هذه المعصية، ولكنه غُلِبَ على أمره فوقع فيها مرات عدة، ولم يصم يوماً واحد من هذا النذر، والآن يريد أن يتوب إلى الله تعالى فأحصى بشكل تقريبي أنه وقع في المعصية /700/ مرة وليس بوسعه أن يصوم /700/ سبعمائة شهر، فماذا يترتب عليه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2449
 2009-10-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذا النذر الذي نذرته يسميه الفقهاء نذر اللجاج، حيث يريد الناذر فيه منع نفسه من فعل شيء أو يحملها عليه.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الناذر مخيَّر بين الوفاء بما نذر، أو يكفِّر عنه كفارة يمين إذا وجد الشرط، وكفارة اليمين هي ما أشار الله عز وجل إليها بقوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}.

وهذا قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقول الإمام النووي رحمه الله تعالى، والمشهور عند الحنابلة، مستدلِّين لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) رواه أحمد. وبقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ) رواه الإمام أحمد.

وقالوا: إن تخيير الناذر في هذا النوع من النذر بين الوفاء والتكفير أجمع للصفتين معاً، فإن اعتُبِر نذراً خرج الناذر عن العهدة باختيار الوفاء به، وإن اعتُبر يميناً خرج عن العهدة باختيار التكفير عنه، فيخرج عن العهدة بكل حال منهما. اهـ. كما جاء في الكافي.

وقال صاحب الدر المختار: لأنه نذرٌ بظاهره، يمينٌ بمعناه فيخير ضرورةً. اهـ. وقال صاحب مغني المحتاج: يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ ، وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مُوجِبَيْهِمَا وَلَا إلَى تَعْطِيلِهِمَا فَوَجَبَ التَّخْيِيرُ .

وبناء على ذلك:

فالناذر مخير بين الوفاء وكفارة اليمين، وبكونه صار في ذمته أشهر كثيرة فإذا اختار كفارة اليمين فهذا من حقه ولا حرج عليه إن شاء الله تعالى، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين فإن كان لا يملك القيمة فيصوم ثلاثة أيام متتاليات. هذا، والله تعالى أعلم.

وأنا أنصحك يا أخي الكريم: أن تتقي الله تعالى في نفسك، وأن تراقب الله في سرك وعلانيتك، وأن تعلم بأن الله يراك، قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}. وتصوَّر نهاية الأجل وأنت ترتكب العادة السرية، هل يرضيك هذا؟

لأن العادة السرية تعتبر تعدِّياً لحدود الشريعة واعتداء على أمر الله تعالى، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين}.

عليك بالزواج إن أمكنك هذا، وإلا فبالصوم، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16967 مشاهدة