أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5385 - معنى: «ولا ينفع ذا الجد منك الجد»

12-07-2012 37829 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» الذي نقوله في الدعاء؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5385
 2012-07-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».

ثانياً: الجَدُّ: بفتحِ الجيمِ، وهذا المشهورُ، هوَ الحظُّ والغِنى والعَظَمَةُ والسُّلطانُ. وبعضُهُم قال: الجِدُّ، بكسرِ الجيمِ، ومعناهُ الاجتهادُ.

ويقولُ الإمامُ النَّوويُّ رحمهُ اللهُ تعالى: أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا بِالمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ مِنْكَ حَظُّهُ أَيْ لَا يُنْجِيهِ حَظُّهُ مِنْكَ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿المَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبِّكَ﴾واللهُ تَعَالَى أَعْلَم. اهـ.

وبناء على ذلك:

 فعلى العبدِ أن يستغلَّ نِعَمَ اللهِ تعالى عليه في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويجبُ عليه أن يعلمَ بأنَّ النِّعمَ والحُظوظَ والعَظَمَةَ والسُّلطانَ والجاهَ والاجتهادَ كلَّها من نِعَمِ اللهِ تعالى على العبدِ، وجميعُ هذهِ النِّعمِ لا تنفعُ العبدَ إذا استَغلَّها في معصيةِ اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَة * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيه * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيه﴾. ويقول تعالى: ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُون * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيم﴾.

فالجَدُّ والجِدُّ عطاءٌ من اللهِ تعالى للعبدِ من أجلِ الاختبارِ والابتلاءِ، وعليه أن لا يغترَّ بذلك، وليتذكَّر ما أخبرَ اللهُ تعالى عن ذاكَ العبدِ الذي قال: ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً﴾. اللهمَّ لا تحجُبنا بالنِّعَمِ عنكَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
37829 مشاهدة