أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8512 - مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ

30-11-2017 2541 مشاهدة
 السؤال :
ما صحة حديث: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8512
 2017-11-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: المَشِيئَةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ للهِ تعالى وَحْدَهُ، وَأَمَّا مَشِيئَةُ البَشَرِ فَهِيَ بِمَشِيئَةِ اللهِ تعالى، وَلَولَا أَنَّ اللهَ تعالى مَنَحَ العِبَادَ شَيْئًاً مِنَ المَشِيئَةِ لَكَانُوا مُسَيَّرِينَ كَسَائِرِ المَخْلُوقَاتِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ﴾.

وروى أبو داود في سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ وَكَانَتْ تَخْدِمُ بَعْضَ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ ابْنَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهَا فَيَقُولُ: «قُولِي حِينَ تُصْبِحِينَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّهُ مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، أَلَا إِنَّ الْبَعِيدَ مَا لَيْسَ بِآتٍ، لَا يَعْجَلُ اللهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ، وَلَا يَخِفُّ لِأَمْرِ النَّاسِ، مَا شَاءَ اللهُ لَا مَا شَاءُ النَّاسُ، يُرِيدُ اللهُ أَمْرَاً وَيُرِيدُ النَّاسُ أَمْرَاً، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَلَوْ كَرِهَ النَّاسُ، لَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدَ اللهُ وَلَا مُبَعِّدَ لِمَا قَرَّبَ اللهُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ.

ثانياً: لَا يَجُوزُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ اللهِ تعالى وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ: مَا شَاءَ اللهُ تعالى وَشِئْتَ، بَلْ نَقُولُ: مَا شَاءَ اللهُ تعالى ثُمَّ شِئْتَ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، روى الحاكم عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ، امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَتْ: إِنَّ حَبْرَاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ؛ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ، وَقُولُوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ».

وروى الدارمي عَنْ الطُّفَيْلِ ـ أَخِي عَائِشَةَ ـ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ لِرَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ: نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ.

فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ».

وروى ابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شِئْتَ».

وبناء على ذلك:

فَحَدِيثُ: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ» رواه الدارمي وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَقَدْ فَرَّقَ العُلَمَاءُ بَيْنَ العِبَارَتَيْنِ، لِأَنَّ الوَاوَ للجَمْعِ بَيْنَ المُتَعَاطِفَاتِ، وَثُمَّ للدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَرْتَبَةَ المَعْطُوفِ دُونَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2541 مشاهدة