أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

467 - يتوب ويقع في الذنب عدة مرات, حتى أدركه الخجل من الله؟

28-08-2007 14250 مشاهدة
 السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله لنا فيكم سيدي سؤالي: كيف للعبد أن يفهم عن الله تعالى؟ وكم للعبد أن يتوب؟ وإلى أي درجة تصل حدود التوبة؟ وماذا يفعل إن كبله خجله من الله وهو يدرك بأن ذنبه من الكبائر ويتوب ويعاود الكرة بضعف منه لا بجرأة على الله معاذ الله؟ فهل للضعيف مكان عند الله تعالى؟ أرجوك سيدي أجبني فإني في مرحلة انهيار وها قد أتى رمضان وشتاتي قد قتلني، أرجوك بحق الله عليك فقد وصلت إلى مرحلة من اليأس يرثى لها، والله أعلم بها فهل تقيل عثرتي يا سيدي وتجيبني؟ جزاك الله عني خير الجزاء.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 467
 2007-08-28

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فَإِنَّ العَبْدَ يَفْهَمُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خِلَالِ قُوَّةِ إِيمَانِهِ وَزِيَادَتِهِ، فَكُلَّمَا زَادَ الإِيمَانُ فَهِمَ العَبْدُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَزِيَادَةُ القُرْآنِ تَكُونُ بِتِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً﴾. وَبِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ تعالى.

وَالعَبْدُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى كُلَّمَا وَقَعَ في الذَّنْبِ، وَالعَبْدُ خَطَّاءٌ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ». وَهَذِهِ صِيغَةٌ مُبَالَغَةٌ، فَالعَبْدُ كَثِيرُ الخَطَأِ، وَطَالَمَا هُوَ كَثِيرُ الخَطَأِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ﴾.

وَلَو أَذْنَبَ في اليَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةٍ» رواه أبو داود والترمذي.

عَلَى أَنْ يُحَقِّقَ شُرُوطَ التَّوْبَةِ، وَشُرُوطُهَا :الإِقْلَاعُ عَنِ الذَّنْبِ، وَالنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَالجَزْمُ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إلى الذَّنْبِ أَبَدَاً.

وَاللُه تَبَارَكَ وتعالى يَقُولُ في وَصْفِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهَاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامَاً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانَاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.

فَالشِّرْكُ أَكْبَرُ الكَبَائِرِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ كَذَلِكَ مِنَ الكَبَائِرِ، وَالفَاحِشَةُ كَذَلِكَ.

فَاللهُ تَبَارَكَ وتعالى يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ إِذَا حَقَّقَ العَبْدُ شُرُوطَهَا.

وَكَيْفَ يَيْأَسُ العَبْدُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، فَرَحْمَةُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَعَاصِينَا، وَإِنَّ مَعْصِيَتَنَا لَا تَضُرُّ اللهَ تعالى، إِنَّمَا ضَرَرُهَا عَائِدٌ إِلَيْنَا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتعالى في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي» رواه الإمام مسلم.

فَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ تعالى، وَاحْذَرْ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَحَقِّق شُرُوطَ التَّوْبَةِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14250 مشاهدة