أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8310 - التوفيق بين حديثين في صلاة الفجر

13-09-2017 3172 مشاهدة
 السؤال :
روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ آيَةً. وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا. فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبَاً مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ». فكيف نوفق بين الحديثين الشريفين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8310
 2017-09-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ في صَلَاةِ الفَجْرِ تَطْوِيلُ قِرَاءَتِهَا، بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا طِوَالَ المُفَصَّلِ.

وَطِوَالُ المُفَصَّلِ مِنْ سُورَةِ الحُجُرَاتِ إلى سُورَةِ البُرُوجِ.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ آيَةً.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: بِالم تَنْزِيلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئَاً مَذْكُورَاً.

هَذَا إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ في الحَضَرِ.

أَمَّا في السَّفَرِ، فَيَقْرَأُ مَعَ فَاتِحَةِ الكِتَابِ أَيَّ سُورَةٍ شَاءَ، روى ابن أبي شيبة عَنْ عُقْبَةَ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ أَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَقَرَأَ بِالمُعَوِّذَتَيْنِ.

وبناء على ذلك:

فَالأَصْلُ في صَلَاةِ الفَجْرِ الإِطَالَةُ بِالمِقْدَارِ الذي كَانَ يُصَلِّيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يَكُونَ مُنَفِّرَاً، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا.

فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبَاً مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ».

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ.

وَعَلَى الإِمَامِ أَنْ يُرَاعِيَ حَالَ المَأْمُومِينَ، فَلَا يُطِيلُ عَلَيْهِمْ إِطَالَةً تُنَفِّرُهُمْ مِنَ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ، وَالْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَالمَرِيضَ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَكَمَا قُلْتُ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَالإِمَامُ الحَكِيمُ هُوَ الذي يُرَاعِي حَالَ المُصَلِّينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3172 مشاهدة