أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2616 - ما صحة ومعنى: (صلوا خلف كل بر وفاجر)؟

19-01-2010 30357 مشاهدة
 السؤال :
ما هي صحة ومعنى حديث: (صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2616
 2010-01-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد روى البيهقي والدارقطني عن مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَصَلُّوا عَلَى كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَجَاهِدُوا مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ).

وروى أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصَّلاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ). وفي رواية أخرى له كذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَالصَّلاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ، وَالصَّلاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ).

وروى الدارقطني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُكَفِّرُوا أَهْلَ قِبْلَتِكُمْ وَإِنْ عَمِلُوا بِالْكَبَائِرَ، وَصَلُّوا مَعَ كُلِّ إِمَامٍ، وَجَاهِدُوا مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ، وَصَلُّوا عَلَى كُلِّ مَيِّتٍ).

وهذه الأحاديث الشريفة تدلُّ على صحة الصلاة خلف كلِّ بَرٍّ وفاجر، إلا أنها كلُّها ضعيفة.

وهذه الأحاديث عارضها حديث رواه ابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَلا لا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إِلا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ) وهو ضعيف أيضاً.

وإذا ضعفت الأحاديث من الجانبي يرجع إلى الأصل، والأصل هو من صحت صلاته صحَّت إمامته، ويؤيد هذا فعل الصحابة رضي الله عنهم.

أولاً: أخرج البخاري في التاريخ الكبير والبيهقي في السنن الكبرى عن عبد الكريم البكَّاء أنه قال: أدركت عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يصلي خلف أئمة الجور.

ثانياً: أخرج مسلم عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ).

ثالثاً: روى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن خيار، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ، فَقَالَ: الصَّلاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ.

رابعاً: روى الشيخان أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يصلي خلف الحجَّاج.

وبناء على ذلك:

فحديث: (صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ) ضعيف، وكذلك الحديث الذي يعارضه.

والصلاة خلف المسلم إذا كان يتقن أحكام الصلاة فهي صحيحة إن شاء الله تعالى، وإن كان فاسقاً فالصلاة خلفه صحيحة مع الكراهة. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
30357 مشاهدة