أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1207 - منع الزوجة من زيارة أهلها

30-06-2008 252 مشاهدة
 السؤال :
ما هي نصيحتكم لمن يمنع زوجته من زيارة أهلها بحجة أنه لا تعجبه بعض تصرفاتهم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1207
 2008-06-30

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالله تعالى يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]. والمعاشرة بالمعروف أن يأمرها بصلة رحمها، لأن الله عز وجل أمر بذلك، ولأن الله عز وجل هدَّد قاطعي الرحم بقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 22 ـ 24].

وأنا أعجب والله من المسلم بعد سماع هذه الآية كيف يقطع رحمه؟ بل كيف يجترئ مسلم على الأمر بقطيعة الرحم؟ ويجب على الزوج أن يعامل زوجته كما يحب أن تعامَل محارمه من بنت وأخت... وهل تصرّفه هذا يعجب أحداً؟

فأين هذا الرجل من قول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}؟ [الأنعام: 164]. وأين هو من هذا الحديث الشريف، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قَدِمَتْ عَلَيَّ أمي وهي راغبةٌ، وهي مشركة، في عهد قريش وَمُدَّتِهِمْ التي كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن أمي قَدِمَتْ عَلَيَّ وهي راغبة، وهي مشركة، أفأصلها؟ قال: «صِلِيها» رواه البخاري؟

وأين هو من قوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}؟ [لقمان: 15] هل لمجرد بعض التصرفات التي لا تعجبه من أهلها يأمرها بقطع الرحم؟ فما هو قائل لله عز وجل يوم القيامة بعد معرفة هذه الآيات الكريمة الصادقة المذكورة؟ وخاصة إذا كانت زوجته لا تتأثر بتلك الصفات التي لا تعجبه.

وإن فاعل ذلك داخل في زمرة الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف، وهذه إحدى صفات المنافقين والعياذ بالله تعالى.

ثم نقول: إن المعصوم من الخطأ هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومَنْ دونَ الأنبياء من الصديقين والشهداء والصالحين كلُّهم عُرضة للخطأ. ومن وطَّن نفسه على هجر كلِّ من أخطأ أو تصرَّف تصرفاً لا يعجبه، فإنه عمَّا قريبٍ سيترك العالم أجمع، ويبقى منفرداً وحيداً لا صاحب له ولا خليل، ينظر شزراً إلى كلِّ الخلق، ومن كان هذا وصفه فإنه لا يخلو من الكبر والعُجب، وكلا الوصفين مُحبط للعمل موجب لدخول النار والعياذ بالله تعالى.

واجب المسلم أن يكون آلفاً مألوفاً، يخالط الناس ويصبر على أذاهم، فهو خير ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم» رواه الترمذي وابن ماجه واللفظ له. وأن يكون إيجابياً يستفيد من الغير ويفيدهم قدر استطاعته، فإن فعل ذلك أراح واستراح، ومن آثر عين السخط على عين الرضا فقد تعب وأتعب وشقي وأشقى.

وخير قدوة للمسلم نبينا سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم، الذي لقي من قومه ومن غيرهم أذى شديداً وافتراء وتكذيباً...، ولم يثنه كلُّ ذلك عن مواصلتهم والعفو عنهم.

ننصح أخانا ـ الآمر لزوجته بقطيعة رحمها ـ أن يخلو بنفسه ساعة ويحصي معايبه، فإن وجدها أقلَّ من معايب أقارب زوجته فليعلم يقيناً أنه مخطئ، وأنه صاحب عُجب، فليستغفر الله تعالى، وليتب إليه. وإن وجد معايب نفسه أكثر من معايب أقرباء زوجته فليستتر بستر الله تعالى، وليتغاض عن معايب غيره لقاء إغضاء الغير عن معايبه.

لنتق الله في نسائنا، ولنأخذ بوصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو صلى الله عليه وسلم وأمي ـ حيث قال: «استوصوا بالنساء خيراً» رواه البخاري ومسلم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
252 مشاهدة
الملف المرفق