أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1224 - معنى الحديث: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد

07-07-2008 14359 مشاهدة
 السؤال :
ما هو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1224
 2008-07-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 فهذا الحديث صحيح رواه البخاري عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يَقُم منه: «لعن الله اليهودَ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ»، قالت عائشة: (لولا ذلك لأُبْرِزَ قبرُه، خشي أن يُـتَّخذ مسجدًا).

والمقصود من الحديث الشريف: أن اتِّخاذ القبورِ مساجدَ ليس هو من شرعنا ولله الحمد، بل هو من عمل اليهود والنصارى، كما جاء في رواية ثانية: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

فكانوا يسجدون لقبور أنبيائهم، ويتحرَّون الصلاة في مدافن الأنبياء، والتوجهَ إلى قبورهم في حالة الصلاة والعبادة لله عز وجل.

كذلك جاء في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه عنْ زَيْدِ بن أسْلَمَ رضي الله عنه عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهمَّ لا تجعل قبري وَثَنًا يُعبد، اشتدَّ غضبُ الله على قوم اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

قال ابن عبد البر: الوثن الصنم. يقول: لا تجعل قبري صنماً يُصلَّى إليه، ويُسجَد نحوه، ويُعبَد، فقد اشتدَّ غضب الله على من فعل ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذِّر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبلهم، الذين صلَّوا إلى قبور أنبيائهم، واتَّخذوها قبلةً ومسجداً، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظِّمونها، وذلك الشرك الأكبر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه، خشيةً عليهم من امتثال طرقهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ مخالفةَ أهل الكتاب وسائرِ الكفار، وكان يخاف على أمَّته اتباعهم، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم على جهة التعيير والتوبيخ: «لتتبعن سَنَنَ من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتَّى لو سلكوا جُحْرَ ضبٍّ لسلكتموه». قلنا: يا رسول الله اليهودَ والنصارى؟ قال: «فَمَنْ؟» رواه البخاري ومسلم. انتهى .

ويؤيد ما ذكره: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يحذِّر من ذلك في مرض موته، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: آخر ما تكلَّم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أنَّ شرار النَّاس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

ولله الحمد والمنة بأن الله تبارك وتعالى استجاب لدعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يُـتَّخذْ قبرُه الشريف قبلةً ومسجداً، ولله الحمد والمنة كذلك بأنه لا يوجد في أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من يعبد قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يسجد له. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14359 مشاهدة