أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1635 - هل يحق لي أن أتزوج وقرار الطلاق مطعون فيه؟

24-12-2008 54397 مشاهدة
 السؤال :
رَفعتُ دعوة للتفريق بيني وبين زوجي، وقضى القاضي بالتفريق بيننا، وألزمني بجلوس العدة من تاريخه، ولكن قرار الطلاق كان قابلاً للطعن، فبعد مضي عشرة أيام من الطلاق طعن زوجي في قرار الطلاق، وما زالت الدعوى في القضاء، ومضى عليها سنة كاملة. فهل يحق لي أن أتزوج الآن لأني قد جلست في العدة بناء على قرار القاضي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1635
 2008-12-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فأنت ما زلت زوجة لهذا الرجل، ولم تتحرَّري من عصمته ما دام الأمر لم يُبَتَّ فيه في القضاء، لأن الطلاق الصادر من محكمة الدرجة الأولى يعدُّ معلقاً على شرط وصوله إلى الدرجة القطعية بالتصديق من النقض، أو مرور مدة الاعتراض دون اعتراض أحد عليه، وعلى ذلك فلا عدَّة على المطلقة حتى يصبح الحكم قطعياً، فإذا صُدِّق الحكم أو مضت مدة الاعتراض دون اعتراض أحد في حينها يقع الطلاق وتعتدُّ المرأة، ولا عبرة بالعدة السابقة إذا كانت المرأة قد التزمت بها، وإذا نقض الحكم فلا طلاق ولا عدة وهي زوجة شرعية.

وقد جاء في المدخل الفقهي للشيخ مصطفى أحمد الزرقا ص(935) من طبعته العاشرة ما نصه:

يقول رحمه الله تعالى: وكان في الحالات التي يقضي فيها القاضي بالتطليق أو يفسخ النكاح تعتبر المرأة داخلة في العدة ويبدأ حساب عدتها من فور قضاء القاضي بالفرقة، لأن حكم القاضي في الماضي كان يصدر مبرماً واجب التنفيذ فوراً، لأن القضاء كان مؤسساً شرعاً على درجة واحدة، وليس فوق القاضي أحد له حق النظر في قضائه.

لكن اليوم قد أصبح النظامُ القضائيُّ لدينا يجعل قضاءَ القاضي خاضعاً للطعن بطريق الاستئناف أو بطريق النقض أو بكليهما، وهذا التنظيم القضائي الجديد لا ينافي الشرع لأنه من الأمور الاستصلاحية الخاضعة لقاعدة المصالح المرسلة، فإذا قضى القاضي اليوم بالفرقة بين الزوجين وجب أن لا تدخل المرأة في العدة إلا بعد أن يصبح قضاؤه مبرماً غير خاضع لطريق من طرق الطعن القضائي، وذلك إما بانقضاء المُهَل القانونية دون طعن من الخصم، أو بإبرام الحكم المطعون فيه لدى المحكمة المطعون لديها ورفضها للطعن حين ترى الحكم موافقاً للأصول.

فمن هذا الوقت يجب أن تدخل المرأة في العدة ويبدأ حسابها، لا من وقت صدور الحكم الابتدائي، لأنها لو اعتدت منذ صدور الحكم الابتدائي لربما تنقضي عدتها وتتحرر من آثار الزوجية قبل الفصل في الطعن المرفوع على حكم القاضي الأول بانحلال الزوجية، ثم ينقض هذا الحكم لخلل تراه المحكمة العليا فيه، وهذا النقض يرفع الحكم السابق ويوجب عودة الزوجية.

فكيف يمكن أن تصبح المرأة متحرِّرة من آثار الزواج بانقضاء عدتها وقد ساغ لها أن تتزوج زوجاً آخر، وقد تكون تزوجت فعلاً.

لذلك يجب أن يعتبر الحكم الابتدائي الأول بالفرقة كحكم معلَّق على الإبرام (أي يعتبر مشروع فرقة) لا تسري نتائجه، وخاصة منها العدة إلا بعد صيرورته مُبْرَماً.

وقبل ذلك تبقى الزوجية قائمة بكل نتائجها رغم قضاء القاضي بالفرقة نظراً لتبدل الأوضاع القضائية عما كانت عليه في الماضي عندما كان قضاء القاضي الشرعي يصدر مبرماً لا معقب عليه.

وبناء على ذلك:

فأنت زوجة شرعية لزوجك الذي رفعتِ عليه دعوى التفريق، ولا عبرة بالعدة التي قضيتها، وبالتالي لا يحق لك أن تتزوجي من رجل آخر حتى يصدر الحكم الأخير من محكمة النقض، فإذا صُدِّق القرار فعندها تجلسين في العدة، وبعد انقضاء عدَّتك تتزوجي إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
54397 مشاهدة