أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

337 - الحوارات التي تدور في أجهزة الإعلام من الرابح فيها؟

02-05-2007 18 مشاهدة
 السؤال :
مَا هُوَ حُكْمُ الشَّرْعِ في الحِوَارَاتِ التي تَدُورُ عَلَى أَجْهِزَةِ الإِعْلَامِ اليَوْمَ، وَمَنْ هُوَ الرَّابِحُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الحِوَارَاتِ، وَمَا هِيَ آدَابُ المُحَاوِرِ إِذَا كَانَ الحِوَارُ مَشْرُوعًا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 337
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحِوَارُ ثَابِتٌ بِنَصِّ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾. وَقَالَ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾.

فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِنَصِّ القُرْآنِ، مِنْ ذَلِكَ مُحَاوَرَةُ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ نُمْرُودَ الذي ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَذَلِكَ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

وَمِنَ المُحَاوَرَةِ التي وَرَدَتْ في القُرْآنِ الكَرِيمِ مُحَاوَرَةُ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ فِرْعَوْنَ: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾.

وَمِنْ ذَلِكَ مُحَاوَرَةُ الرَّجُلِ المُؤْمِنِ للرَّجُلِ الكَافِرِ: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلَاً﴾.

وَأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ مَا أَخْرَجَهُ الإمام أحمد في مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ فَتَىً شَابَّاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ؛ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ.

فَقَالَ: «ادْنُهْ».

فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبَاً.

قَالَ: فَجَلَسَ؛ قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ».

قَالَ: «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟».

قَالَ: لَا وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ.

قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ».

قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ».

قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.

وَذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّ تَعَلُّمَ فَنِّ المُحَاوَرَةِ وَاجِبٌ وُجُوبَاً كِفَائِيَّاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الضُّرَّ عَنِ المُسْلِمِينَ.

وَأَحْيَانَاً تَكُونُ المُنَاظَرَةُ وَاجِبَةً لِدَفْعِ الشُّبُهَاتِ وَتَصْفِيَةِ الاعْتِقَادَاتِ عَنْ تَمْوِيهَاتِ المُبْتَدِعِينَ، وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً مَعَ أَهْلِ الكِتَابِ إِذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ مِنْ إِسْلَامِ مَنْ يُرْجَى إِسْلَامُهُ مِنْهُمْ.

وَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً في حَالَةِ تَأْكِيدِ الحَقِّ وَتَأْيِيدِهِ.

أَمَّا آدَابُ المُحَاوَرَةِ وَالمُنَاظَرَةِ أَهَمُّهَا:

1ـ إِرَادَةُ إِظْهَارِ الحَقِّ، قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَا نَاظَرْتُ أَحَدَاً إِلَّا وَدِدْتُ أَنْ يُظْهِرَ اللهُ الحَقَّ عَلَى يَدَيْهِ.

وَجَاءَ في رَدِّ المُحْتَارِ: المُنَاظَرَةُ في العِلْمِ لِنُصْرَةِ الحَقِّ عِبَادَةٌ.

2ـ أَلَّا يُنَاظِرَ مَنْ كَانَ مَهِيبَاً وَمُحْتَرَمَاً، لِأَنَّ مَهَابَةَ الخَصْمِ وَاحْتِرَامَهُ رُبَّمَا تُزِيلُ دِقَّةَ نَظَرِ المُحَاوِرِ وَحِدَّةَ ذِهْنِهِ.

3ـ أَنْ لَا يَنْظُرَ إلى الخَصْمِ أَنَّهُ حَقِيرٌ، لِئَلَّا يَصْدُرَ عَنْهُ كَلَامٌ مُخَالِفٌ.

4ـ وَأَهَمُّ هَذِهِ الأَشْيَاءِ مُرَاقَبَةُ اللهِ تعالى في المُنَاظَرَةِ، وَأَلَّا يَكُونَ الهَدَفُ إِثْبَاتَ الأَنَا بَلْ إِثْبَاتَ الحَقِّ، وَأَنْ يَكُونَ هَمُّ المُحَاوِرِ رِضَا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ خَادِمَاً لِدِينِ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
18 مشاهدة