109ـ كلمة شهر ربيع الأول 1437: رجال سلموا لقضاء الله تعالى وقدره

109ـ كلمة شهر ربيع الأول 1437: رجال سلموا لقضاء الله تعالى وقدره

 

109ـ كلمة شهر ربيع الأول 1437: رجال سلموا لقضاء الله تعالى وقدره 

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: جَمِيعُ الأُمُورِ بِيَدِ اللهِ تعالى مَقَادِيرُهَا، فلا يَأْتِي للعَبْدِ مِنْهَا إلا مَا قُدِّرَ لَهُ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ تعالى السَّمَاواتِ والأَرْضَ، فَمَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: أَرْزَاقُنَا مَقْسُومَةٌ، وَآجَالُنَا مَحْتُومَةٌ، وَلَنْ يَمُوتَ الوَاحِدُ مِنَّا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ، فلماذا القَلَقُ والتَّوَتُّرُ والرِّيبَةُ؟

يَقُولُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ:

أيُّ يَوْمَيَّ مِنَ الْـمَوْتِ أفْرْ   ***   يَوْمَ لَمْ يُقْدَرْ أوْ يَوْمَ قُـدِرْ

يَـــوْمَ لا قُـــدِرَ لا أَرْهَبُهُ    ***   ومن المَقْدُورِ لا يَنْجُو الحَذِرْ

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لا دَرَجَةَ أَشْرَفُ ولا أَرْفَعُ ولا أَعْلَى من الرِّضَا عن الله تعالى في قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَهُوَ رَأْسُ المَحَبَّةِ، وَلِذَلِكَ دَعَا سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ بِهِ لِوَلَدِهِ، فَقَالَ: ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَّا﴾. فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ قَلَّ رِضَاهُ صَارَ مَرْتَعَاً للأَوْهَامِ والأَحْزَانِ والهُمُومِ والأَكْدَارِ، بَلْ صَارَ مَرْتَعَاً للأَسْقَامِ والأَوْجَاعِ والأَمْرَاضِ.

رِجَالٌ سَلَّمُوا لِقَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: هُنَاكَ رِجَالٌ سَلَّمُوا لِقَضَاءِ اللهِ تعالى وَقَدَرِهِ، فَكَانُوا من أَسْعَدِ النَّاسِ في حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا، وَكَانُوا من أَسْعَدِ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَكَانُوا مَضْرِبَ مَثَلٍ لِكُلِّ مَن أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ، وَلِكُلِّ مَن فَقَدَ حَبِيبَاً من الأَحِبَّةِ، فَيَا سَعَادَةَ مَن سَارَ على سَيْرِهِم، وَيَا سَعَادَةَ مَن تَشَبَّهَ بِهِم إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُم، وَيَا سَعَادَةَ مَن جَنَى مَا جَنَوْهُ.

أولاً: تَسْلِيمُ سَيِّدِنَا عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: من عُظَمَاءِ هذهِ الأُمَّةِ، الذينَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في الصَّبْرِ على فَقْدِ الأَحِبَّةِ، سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ على ابْنِهِ في وَجَعِهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، كَيْفَ تَجِدُكَ؟

قَالَ: أَجِدُنِي في الحَقِّ (المَوْتِ).

قَالَ: يَا بُنَيَّ، لَأَنْ تَكُونَ في مِيزَانِي أَحَبَّ إِلَيَّ من أَنْ أَكُونَ في مِيزَانِكَ.

فَقَالَ: يَا أَبَتِ، لَأَنْ يَكُونَ مَا تُحِبُّ أَحَبَّ إِلَيَّ من أَنْ يَكُونَ مَا أُحِبُّ؛ ثمَّ مَاتَ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: بَعْدَ أَنْ مَاتَ وَلَدُهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، وَدَفَنَهُ في قَبْرِهِ، اِسْتَوَى عِنْدَ قَبْرِهِ، يَقُولُ زِيَادُ بْنُ أَبِي حَسَّانٍ،إنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ حَيْثُ دَفَنَ ابْنَهُ عَبْدَ المَلِكِ، قَالَ: لَـمَّا دَفَنَهُ وَسَوَّى عَلَيْهِ، وَقَبَرَهُ بِالأَرْضِ، وَضَعُوا عِنْدَهُ خَشَبَتَيْنِ من زَيْتُونٍ، إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ، والأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ، ثمَّ جَعَلَ قَبْرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، وَاسْتَوَى قَائِمَاً وَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ.

فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ يَا بُنَيَّ، لَقَد كُنْتَ بَارَّاً بِأَبِيكَ، واللهِ مَا زِلْتُ مُنْذُ وَهَبَكَ اللهُ لِي مَـسْرُورَاً بِكَ، وَلا واللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَشَدَّ بِكَ سُرُورَاً، أَوْ أَرْجَى لِحَظِّي من اللهِ فِيكَ مُنْذُ وَضَعْتُكَ في هذا المَنْزِلِ الذي صَيَّرَكَ اللهُ إِلَيْهِ، فَرَحِمَكَ اللهُ، وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، وَجَزَاكَ بْأَحْسَنِ عَمَلِكَ، وَرَحِمَ اللهُ كُلَّ شَافِعٍ يَشْفَعُ لَكَ بِخَيْرٍ من شَاهِدٍ أَوْ غَائِبٍ، رَضِينَا بِقَضَاءِ اللهِ، وَسَلَّمْنَا لِأَمْرِهِ، إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ؛ ثمَّ انْصَرَفَ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لَقَد تُوُفِّيَ وَلَدُهُ عَبْدُ المَلِكِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، وَكَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ تُوُفِّيَ أَخُوهُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وَكَانَ من أَحَبِّ إِخْوَتِهِ إِلَيْهِ، وَتُوُفِّيَ مَوْلاهُ مُزَاحِم، وَكَانَ عَزِيزَاً عَلَيْهِ، كُلُّ ذَلِكَ مُتَتَابِعَاً.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: دَخَلَ سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بَيْتَهُ بَعْدَ دَفْنِ وَلَدِهِ عَبْدِ المَلِكِ،  فَجَاءَهُ الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ، فَقَالَ: عَظَّمَ اللهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أُصِيبَ بِأَعْظَمَ من مُصِيبَتِكَ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِكَ ابْنَاً، وَلا مِثْلَ أَخِيكَ أَخَاً، وَلا مِثْلَ مَوْلَاكَ مَوْلَىً قَطُّ.

فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ عُمَرُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، فَقَالَ أَحَدُ الحَاضِرِينَ: لَقَد هَيَّجْتَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ يَا رَبِيعُ؟ أَعِدْ.

قَالَ: فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ.

فَقَالَ: لا والذي قَضَى عَلَيْهِمُ المَوْتَ، مَا أُحِبُّ أَنَّ شَيْئَاً كَانَ من ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ.

فَيَا أَيُّهَا الكَوْنُ مِنْهُ اسْتَمِعْ   ***   وَيَا أُذُنَ الدَّهْرِ عَنْهُ افْهَمِي

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: مَا أَعْظَمَ ثِقَتَهُم باللهِ تعالى، وَمَا أَحْسَنَ فَهْمَهُم عَن اللهِ تعالى، وَمَا أَعْظَمَ إِيمَانَهُم باللهِ تعالى، وبالقَضَاءِ والقَدَرِ، وباليَوْمِ الآخِرِ؟

ثانياً: تَسْلِيمُ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: من عُظَمَاءِ هذهِ الأُمَّةِ، الذينَ ضَرَبُوا أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ في الصَّبْرِ على فَقْدِ الأَحِبَّةِ، سَيِّدُنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما.

رُوِيَ أَنَّ ابْنَاً لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم اشْتَكَى، فَاشْتَدَّ وَجْدُ ابْنِ عُمَرَ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: لَقَد خَشِينَا على هذا الشَّيْخِ إِنْ حَدَثَ بِهذا الغُلَامِ حَدَثٌ؛ وَشَاءَ اللهُ فَمَاتَ هذا الغُلَامُ.

فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ في جَنَازَتِهِ، وَمَا أَبْدَى رَجُلٌ سُرُورَاً إلا ابْنَ عُمَرَ.

فَقِيلَ: مَا هَذَا؟ قَد خَشِينَا عَلَيْكَ يَا ابْنَ عُمَرَ.

قَالَ: إِنَّمَا تِلْكَ كَانَتْ رَحْمَةً بِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ أَمْرُ اللهِ رَضِينَا بِهِ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لا تَعْجَبُوا من ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَانَ فَرْعَاً لِأَصْلٍ عَظِيمٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، لا تَعْجَبُوا، فَإِنَّهُ ابْنُ الفَارُوقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، الذي قَالَ يَوْمَاً: مَا مِنْ أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا وَلَدٍ إِلَّا وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، إِلَّا عَبْدَ اللِه بْنَ عُمَرَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَطُولَ في عُمُرِهِ، وَذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِمَنْفَعَتِهِ للنَّاسِ، والأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

ثالثاً: امْرَأَةٌ عَجُوزٌ:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: يَذْكُرُ ابْنُ الجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في عُيُونِ الحِكَايَاتِ: قَالَ الأَصْمَعِيُّ: خَرَجْتُ أَنَا وَصَدِيقٌ لِي إلى البَادِيَةِ، فَضَلَلْنَا الطَّرِيقَ، فَإِذَا نَحْنُ بِخَيْمَةٍ عَن يَمِينِ الطَّرِيقِ، فَقَصْدَنَا نَحْوَهَا فَسَلَّمْنَا، فَإِذَا عَجُوزٌ تَرُدُّ السَّلَامَ، ثمَّ قَالَتْ: مَن أَنْتُمْ؟

قُلْنَا: قَوْمٌ ضَلَلْنَا الطَّرِيقَ وَأَنِسْنَا بِكُمْ، وَقَوْمٌ جِيَاعٌ.

فَقَالَتْ: وَلُّوا وُجُوهَكُم حَتَّى أَقْضِيَ من حَقِّكُم مَا أَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ.

فَفَعَلْنَا وَجَلَسْنَا على فِرَاشٍ أَلْقَتْهُ لَنَا، وَإِذَا بِبَعِيرٍ مُقْبِلٍ عَلَيْهِ رَاكِبٌ، وَإِذَا بِهَا تَقُولُ: أَسْأَلُ اللهَ بَرَكَةَ المُقْبِلِ، أَمَّا البَعِيرُ فَبَعِيرُ وَلَدِي، وَأَمَّا رَاكِبُهُ فَلَيْسَ بِوَلَدِي.

وَجَاءَ الرَّاكِبُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُمَّ عَقِيلٍ، أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكِ في عَقِيلٍ.

فَقَالَتْ: وَيْحَكَ، أَوَ قَد مَاتَ عَقِيلٌ؟

قَالَ : نَعَمْ.

قَالَتْ: مَا سَبَبُ مَوْتِهِ؟

قَالَ: اِزْدَحَمَتْ عَلَيْهِ الإِبِلُ فَرَمَتْ بِهِ في البِئْرِ.

فَقَالَتْ لَهُ: اِنْزِلْ؛ وَدَفَعَتْ لَهُ كَبْشَاً، وَنَحْنُ مُنْدَهِشُونَ، فَذَبَحَهُ وَأَصْلَحَهُ وَقَرَّبَ إِلَيْنَا الطَّعَامَ، فَجَعَلْنَا نَتَعَجَّبُ من صَبْرِهَا.

فَلَمَّا فَرَغْنَا قَالَتْ: هَلْ فِيكُم أَحَدٌ يُحْسِنُ من كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ شَيْئَاً؟

قُلْنَا: نَعَمْ.

قَالَتْ: فَاقْرَؤُوا عَلَيَّ آيَاتٍ أَتَعَزَّى بِهَا عَن ابْنِي.

فَقُلْتُ: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُهْتَدُونَ﴾.

قَالَتْ: آللهِ إِنَّها لَفِي كِتَابِ اللهِ؟

قُلْتُ: وَاللهِ إِنَّها لَفِي كِتَابِ اللهِ.

قَالَتْ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، صَبْرَاً جَمِيلَاً، وَعِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ عَقِيلَاً، اللَّهُمَّ إِنِّي فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، فَأَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، وَلَوْ بَقِيَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ لَبَقِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ نَقُولُ: مَا أَكْمَلَ مِنْهَا ولا أَجْزَلَ لَـمَّا عَلِمَتْ أَنَّ المَوْتَ لا دَافِعَ لَهُ وَلا مَحِيصَ عَنْهُ، وَأَنَّ الجَزَعَ لا يُجْدِي نَفْعَاً، وَأَنَّ البُكَاءَ لا يَرُدُّ هَالِكَاً، رَجَعَتْ إلى الصَّبْرِ الجَمِيلِ، والرِّضَا بِقَضَاءِ السَّمِيعِ العَلِيمِ، وَاحْتَسَبَتْ ابْنَهَا عِنْدَ اللهِ عزَّ وجلَّ ذَخِيرَةً نَافِعَةً لِيَوْمِ الفَقْرِ والفَاقَةِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: إِنَّ من أَعْظَمِ أَرْكَانِ الإِيمَانِ المَعْلُومَةِ لَدَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ الإِيمَانَ بالقَضَاءِ والقَدَرِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، لِأَنَّهُ من عِنْدِ اللهِ تعالى، ولا رَادَّ لِقَضَائِهِ المُبْرَمِ.

أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: من ثَمَرَاتِ الإِيمَانِ بالقَضَاءِ والقَدَرِ، أَنَّهُ يُهَدِّئُ رَوْعَ المُصَابِ عِنْدَ وُقُوعِ المَصَائِبِ، فلا يُذْهِبُ نَفْسَهُ حَسَرَاتٍ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ واللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.

اللَّهُمَّ زِدْ في إِيمَانِنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.

**      **      **

تاريخ الكلمة:

السبت: 1/ ربيع الأول /1437هـ، الموافق: 12/كانون الأول / 2015م

 2015-12-22
 2831
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

13-03-2024 134 مشاهدة
211ـ القرآن أنيسنا

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ... المزيد

 13-03-2024
 
 134
09-02-2024 443 مشاهدة
210ـ انظر عملك في شهر شعبان

أَخْرَجَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ ... المزيد

 09-02-2024
 
 443
13-01-2024 279 مشاهدة
209ـ اغتنام ليل الشتاء

الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ، وَفُرْصَةُ تَزَوُّدٍ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ، قَالَ تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.  الأَيَّامُ تَتَعَاقَبُ وَتَتَوَالَى، وَهَا نَحْنُ في الشِّتَاءِ، فَلْنَسْمَعْ وَصِيَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ ... المزيد

 13-01-2024
 
 279
14-12-2023 386 مشاهدة
208ـ ماذا جرى لهذه الأمة؟

مَاذَا جَرَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ؟ هَلْ تَفْقِدُ ذَاكِرَتَهَا وَتَجْلِسُ مَعَ عَدُوِّهَا تَبْحَثُ عَنْ سَلَامٍ وَعُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ؟ يَذْبَحُهَا عَدُوُّهَا بِالأَمْسِ، فَتَمُدُّ لَهُ ذِرَاعَ المُصَافَحَةِ اليَوْمَ. يَصْفَعُهَا بِالأَمْسِ، ... المزيد

 14-12-2023
 
 386
16-11-2023 500 مشاهدة
207ـ لا تزال الأمة تبتلى

مَاذَا يَقُولُ الإِنْسَانُ المُسْلِمُ، وَمَاذَا يَفْعَلُ وَالمَجَازِرُ الدَّمَوِيَّةُ تُرْتَكَبُ عَلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ وَفي غَزَّةَ خَاصَّةً شَمَلَتِ الشُّيُوخَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ الضُّعَفَاءَ وَالآمِنِينَ، وَالعَالَمُ كُلُّهُ ... المزيد

 16-11-2023
 
 500
16-09-2023 526 مشاهدة
205ـ كيف لا نحب الحبيب صلى الله عليه وسلم!

مَا أَجْمَلَ شَهْرَ الرَّبِيعِ الذي وُلِدَ فِيهِ الحَبِيبُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟! حَيْثُ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ يُذَكِّرُنَا بِفَصْلِ الرَّبِيعِ الذي فِيهِ تَتَفَتَّحُ الأَزْهَارُ، وَتُغَرِّدُ ... المزيد

 16-09-2023
 
 526

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411952164
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :