62ـ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ    هُوَ المَثَلُ الأَكْمَلُ

62ـ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ    هُوَ المَثَلُ الأَكْمَلُ

 

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

62ـ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ المَثَلُ الأَكْمَلُ في الخَلْقِ وَالخُلُقِ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هُوَ المَثَلُ الأَكْمَلُ في الخَلْقِ وَالخُلُقِ:

رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهَاً، وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقَاً.

فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَجْمَلُ خَلْقِ اللهِ تعالى خَلْقَاً، وَأَكْمَلُهُمْ خُلُقَاً، بَلْ هُوَ فَيَّاضُ المَكَارِمِ وَالكَمَالَاتِ عَلَى العَالَمِ.

فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ».

وَرَوَى الإِمَامُ مَالِكٌ في المُوَطَّأِ بَلَاغَاً أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ».

قَالَ الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَإِنَّمَا كَانَ خُلُقُهُ عَظِيمَاً، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِمَّةٌ سِوَى اللهِ تعالى.

فَقَدْ جَمَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ التي جَاءَتْ بِهَا الأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ، وَجَاءَ بِهَا كُلَّهَا، وَزَادَهُمْ كَمَالَاً عَلَى الكَمَالِ، وَجَمَالَاً فَوْقَ جَمَالٍ.

وَلَقَدْ أَثْنَى اللهُ تعالى عَلَى حَبِيبِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَظِيمِ خُلُقِهِ، وَكَمَالِ أَدَبِهِ وَفَضْلِهِ، في التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَسَائِرِ الكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ، كَمَا أَثْنَى عَلَيْهِ وَمَدَحَهُ بِعَظِيمِ خُلُقِهِ، وَكَمَالِ أَدَبِهِ وَفَضْلِهِ، في القُرْآنِ العَظِيمِ.

رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟

قَالَ: أَجَلْ، وَاللهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدَاً وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً﴾ وَحِرْزَاً لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ (الصَّخَبُ وَالسَّخَبُ: الصِّيَاحُ وَاضْطِرَابُ الأَصْوَاتِ للخِصَامِ) وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ تعالى حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنَاً عُمْيَاً، وَآذَانَاً صُمَّاً، وَقُلُوبَاً غُلْفَاً (أَيْ: يَفْتَحُ قُلُوبَاً مُغَشَّاةً مُغَطَّاةً بِظُلْمَتِهَا، فَيَفْتَحُهَا بِنُورِ الإِيمَانِ الذي جَاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَوْحَى اللهُ تعالى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ شَعْيَاءُ، أَنْ قُمْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِنِّي سَأُطْلِقُ لِسَانَكَ بِوَحْيٍ، فَقَامَ فَقَالَ: يَا سَمَاءُ اسْمِعِي، يَا أَرْضُ أَنْصِتِي، فَإِنَّ اللهَ تعالى يُرِيدُ أَنْ يـقْضِيَ شَأْنَاً وَيُدَبِّرُ أَمْرَاً هُوَ مُنَفِّذُهُ، إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْعَثَ أُمِّيَّاً مِنَ الأُمِّيِّينَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ في الأَسْوَاقِ.

لَو يَمُرُّ عَلَى السِّرَاجِ لَمْ يُطْفِئْهُ مِنْ سَكِينَتِهِ، وَلَو يَمْشِي عَلَى القَصَبِ وَاليَابِسِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ.

أَبْعَثُهُ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً ، لَا يَقُولُ الخَنَا (هُوَ الفُحْشُ في القَوْلِ) أَفْتَحُ بِهِ أَعْيُنَاً عُمْيَاً، وَآذَانَاً صُمَّاً،  وَقُلُوبَاً غُلْفَاً، وَأُسَدِّدُهُ بِكُلِّ أَمْرٍ جَمِيلٍ، وَأَهَبُ لَهُ كُلَّ خُلُقٍ كَرِيمٍ.

وَأَجْعَلُ السَّكِينَةَ لِبَاسَهُ، وَالبِرَّ شِعَارَهُ، وَالتَّقْوَى ضَمِيرَهُ، وَالحِكْمَةَ مَنْطِقَهُ، وَالصِّدْقَ وَالوَفَاءَ طَبِيعَتَهُ، وَالعَفْوَ وَالمَعْرُوفَ خُلُقَهُ، وَالحَقَّ شَرِيعَتَهُ، وَالعَدْلَ سِيرَتَهُ، وَالهُدَى إِمَامَهُ، وَالإِسْلَامَ مِلَّتَهُ، وَأَحْمَدَ اسْمَهُ.

وَأُعَرِّفُ بِهِ بَعْدَ النَّكِرَةِ، وَأُكَثِّرُ بِهِ بَعْدَ القِلَّةِ، وَأُغْنِي بِهِ بَعْدَ العَيْلَةِ، وَأَجْمَعُ بِهِ بَعْدَ الفُرْقَةِ، وَأُؤَلِّفُ بِهِ بَيْنَ أُمَمٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَقُلُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَهْوَاءٍ مُشَتَّتَةٍ، وَأَسْتَنْقِذُ بِهِ فِئَامَاً مِنَ النَّاسِ عَظِيمَاً مِنَ الهَلَكَةِ.

وَأَجْعَلُ أُمَّتَهُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ: يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ، مُوَحِّدِينَ مُؤْمِنِينَ، مُخْلِصِينَ، مُصَدِّقِينَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ. أَوْرَدَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَوْرَدَهُ القَسْطَلَانِيُّ في المَوَاهِبِ وَعَزَاهُ لِابْنِ إِسْحَاقَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 13/ذو الحجة/1439هـ، الموافق: 24/ آب / 2018م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 2650 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 2650
12-03-2021 1470 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 1470
19-02-2021 995 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 995
20-11-2020 4142 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 4142
13-11-2020 1895 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 1895
06-11-2020 980 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 980

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411969754
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :