83ـ نحو أسرة مسلمة: المؤمن المبتلى على بصيرة من أمره

83ـ نحو أسرة مسلمة: المؤمن المبتلى على بصيرة من أمره

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالدنيا دار تكليف وعمل وليست بدار نعيم وراحة، وقد خلقها الله تعالى لتكون دارَ ممرٍّ لا دار مقرٍّ، لأن الإنسان انتقل من عالم الذرِّ إلى عالم الأصلاب، ومن عالم الأصلاب إلى عالم الأرحام، ومن عالم الأرحام إلى عالم الدنيا، ومن عالم الدنيا إلى عالم الآخرة ، إما إلى جنة وإما إلى نار والعياذ بالله تعالى منها.

الدنيا محفوفة بالمحن:

ولقد حفَّ الله تعالى هذه الحياة الدنيا بالمحن والابتلاءات، وغمرها بالمصائب والفتن ليميِّز الله تعالى الخبيث من الطيب، وليبلوَ بعضنا ببعض، ليرى أيُّنا الأحسن، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور}.

والأمر الملفت للنظر في هذه الآية الكريمة أنَّه قدَّم ذكر الموت على ذكر الحياة، وما ذاك ـ والله تعالى أعلم ـ إلا ليعلم العبد الحي بأنَّ حياته في الدنيا مؤقتة، وعليه أن يستقبل هذه الحياة الدنيا استقبالاً مؤقتاً إلى حين، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين}. هذا أولاً.

ثانياً: ما ينبغي للإنسان العاقل المؤمن أن يكون عمله مقصوراً على العمل الحسن، بل عليه أن ينافس الآخرين ليكون عمله الأحسن، كما ينافس أهل الدنيا بعضهم بعضاً، قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون}. ليكن عملك أحسن من عمل غيرك.

أكثر الناس في غفلة:

أيها الإخوة الأحبة: أكثر الناس يعيش في غفلة عن هذا بسبب بعدهم عن دين الله عز وجل، لذلك جهل هذه الحقيقة التي رسَّخها الله تعالى في القرآن بأنَّ هذه الحياة الدنيا محفوفة بالمحن والابتلاءات، حتى ظنوا أنه يجب أن يعيشوا في هذه الحياة بدون ابتلاء وامتحان ومصائب.

هذه الفئة من الناس إذا جاءتهم الفتن والمحن والمصائب والابتلاءات فزعوا وسخِطوا من قدر الله تعالى وتعقَّدت حياتهم، وربما فكَّر بعضهم بالانتحار والعياذ بالله تعالى.

مع كل فرحة ترحة:

أيها الإخوة الكرام: الذي يحصِّن نفسه بحصن الإيمان وتكون له صلة بكتاب الله عز وجل فإنه يكون على بيِّنة من أمره، فيعرف طبيعة الحياة الدنيا، ويعلم علم اليقين أنه ما من مخلوق إلا وله نصيب من آلام الدنيا وأحزانها، كما قال سيدنا لقمان عليه السلام ورضي الله عنه: في كل عام أسقام، ومع كل حبرة عبرة، ومع كل فرحة ترحة. اهـ. كما قال تعالى: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُون}.

ويقول سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه: إن مع كل فرحة ترحة، وما ملئ بيت حسرة إلا أوشك أن يملأ غيره. اهـ. وهذا تأكيد لقوله تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}. لأنه من المحال دوام الحال، فرح الدنيا لا يدوم كما حزنها لا يدوم، ومسراتها لا تدوم كما منغضاتها لا تدوم، غناها لا يدوم كما فقرها لا يدوم، صحتها لا تدوم ومرضها لا يدوم.

الحكمة من المحن والابتلاءات:

أيها الإخوة الكرام: قد يتساءل البعض ما هي الحكمة من هذه المحن والابتلاءات؟

الجواب على ذلك:

مصلحة العبد تقتضي ذلك، وتتجلى مصلحة العبد من ذلك في النقاط التالية:

أولاً: العبد مخلوق في الدنيا لأجل، ولا بدَّ له من الرحيل من هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، فإذا لم تكن الحياة الدنيا ممزوجة بالمنغِّصات والمحن والابتلاءات فإن العبد يركن إليها، وإذا ركن إليها وجاءته سكرات الموت وشعر بفراقها فإنه يموت الموتات من أجلها، أما بوجود المنغِّصات والمحن والابتلاءات فإنه يتطلع للخروج منها.

ثانياً: حتى يعلم العبد بأنه ما خلق في هذه الدنيا إلا للتكليف، ومن التكليف أن يكون شاكراً عند الرخاء، وأن يكون صابراً عند البلاء، وحتى يكون العبد صابراً شاكراً فلا بدَّ من وجود النعم ومن وجود المنغِّصات والامتحانات والابتلاءات.

ثالثاً: حتى لا يعبد العبد ربه على حالة واحدة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}. أي على حالة واحدة ألا وهي العطاء، {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِين}. فالذي يعكف قلبه على فرحه بالدنيا ربما أن يمقته الله تعالى عند سخطه على الله تعالى إذا هجمت عليه أتراح الدنيا وأحزانها.

لذلك ذمَّ الله تعالى العبد الذي يفرح بنعم الحياة الدنيا وهو قد عزل النعمة عن المنعم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِين}. هؤلاء الذين نظروا إلى النعمة دون النظر إلى المنعم، أما الذي يربط النعمة بمصدرها، ويتذكر قوله تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}. فإنه يفرح بنعمة الله عليه، لأنه يراها من باب الفضل لا من باب العدل، ويتذكر هذا العبد قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون}.

{عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي}:

أيها الإخوة الكرام: المؤمن الذي له صلة بكتاب الله عز وجل هو على بصيرة من أمره، عرف طبيعة الحياة الدنيا، وعرف الغاية من خلقه، وعرف نفسه من أين جاء وإلى أين المصير، قال تعالى:{أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين}. فمن كانت له صلة بسيدنا رسول الله " بعد الإيمان به فهو على بصيرة من أمره، وعرف الأمور التالية:

أولاً: يعلم بأنه مسافر من الدنيا، وسفره منها لمدة واحدة ولن يرجع إليها أبداً، وأن سفره منها في الوقت الذي يريده الله عز وجل لا في الوقت الذي يريده العبد، قال تعالى: {الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}.

فإن كان سفر الإنسان في الدنيا كثيراً وفي الوقت الذي يريده، فإن سفره من الدنيا مرة واحدة، وفي الوقت الذي يريده سيده ومولاه، نسال الله تعالى أن يجعل سفرنا من الدنيا سفر فرح وسرور واستبشار لا سفر حسرة وندامة وسؤال رجعة والعياذ بالله تعالى.

ثانياً: يعلم بأنَّ حطام الدنيا الذي هو بين يديه تاركه لا محالة إما بالفقر وإما بالموت، قال تعالى في حق آل فرعون: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُون * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيم * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِين * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِين}. وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء}. وقال ": (عش ما شئت فإنَّك ميِّت، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به، وأحبب من شئت فإنَّك مفارقه) رواه الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد رضي الله عنه.

ثالثاً: يعلم بأنَّ الدنيا مزرعة للآخرة، وأن ما يزرعه هنا يحصد نتائجه هناك، قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}. وقال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَاد}. لذلك ترى العبد المؤمن آخذاً بوصية ربه عز وجل: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون}. فعمل وأحسن العمل ليحصد نتائجه في الآخرة بإذن الله تعالى.

رابعاً: يعلم بأنه واقف بين يدي الله عز وجل للحساب في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فلو جاءته الدنيا ساجدة بين يديه فلن تكن تسكره ولن تخدعه، ولكنه يتعامل معها وفق ما شرع الله تعالى، فهو يأخذها بطريق مشروع، ويدفعها بطريق مشروع وما يبيع دينه بسببها لأنها خدَّاعة.

لقد خدعت الدنيا كثيراً من الناس فأقبلوا عليها غير عابئين بحلالها أم بحرامها في الأخذ والعطاء، يأخذون منها بطريق غير مشروع، ويدفعونها بطريق غير مشروع، آخذين الربا دافعين الرشوة، آكلين أموال الناس بالباطل صارفين المال في طريق غير مشروع.

فالمؤمن الذي له صلة مع كتاب الله تعالى علم أن الفوز الحقيقي ليس بجمع حطام الدنيا، بل هو عندما يزحزح عن نار جهنم ويدخل جنة الله تعالى، قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور}.

خامساً: يعلم بأنَّ كلَّ نعيم دون نعيم الجنة سراب، وكلَّ عذاب دون النار عافية ـ ونسأل الله تعالى العفو والعافية ـ لذلك تراه حريصاً كلَّ الحرص على أن ينال نعيم الجنة الدائم، وهذا ما أرشد إليه النبي " أصحابه الكرام رضي الله عنهم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: (كُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى وَكُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ " عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ ـ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ الْحَرْبُ ـ: عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَقْتُلَ أَوْلادَنَا، وَلا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ، فَإِنْ وَفَّيْتُمْ فَلَكُمْ الْجَنَّةُ، وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَكُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَكُمْ) رواه الإمام أحمد.

سادساً: يعلم بأنَّه إذا أصيب في الحياة الدنيا ببعض المصائب والمحن والابتلاءات ثم صبر على ذلك فله أجرٌ عظيم لا يعلم قدره إلَّا الله تعالى، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب}. وكما حدَّث بذلك سيدنا رسول الله ": (يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ) رواه الترمذي عن جابر رضي الله عنه.

سابعاً: يعلم بأن الابتلاءات والمحن والمصائب هي سنة ثابتة في الحياة الدنيا من سنن الله تعالى في خلقه، ولا تبديل لسنة الله ولا تحويل، وخاصة بالنسبة لأهل الإيمان، قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين}. وقال تعالى في حق الجميع: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ}.

ويعلم بانَّ أشدَّ الناس بلاءً هم الصفوة المختارة من خلق الله عز وجل، وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام، كما جاء في الحديث عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ، وَمَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وهذا ما سطَّره الله تعالى في القرآن العظيم بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}. وبقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون}. وبقوله تعالى في أصحاب الأخدود: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الأحبة: لنحصِّن أنفسنا بالإيمان حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، أمَّا من حُرِمَ نعمة الإيمان فهو من أشد الناس جزعاً إذا أصيب بمصيبة أو جاءته محنة وابتلاء، وهو من أسرع الناس انهياراً أمام الشدائد والمحن، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور}. وقال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا}.

فنسأل الله تعالى العفو والعافية، وأن يأخذ رضاه منا في عافية، ولعلَّ الحديث له صلةٌ في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2010-05-05
 31777
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 

التعليقات [ 1 ]

أحمد كادري
 2010-05-11

ما أحوجنا إلى مثل هذا الكلام, فوالله لو عرفنا الدنيا على حقيقتها لملكناها, ولصرنا أفضل الخلق. ولكن...... جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ.

 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4138 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4138
21-01-2018 4994 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4994
14-01-2018 3592 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3592
08-01-2018 4179 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4179
31-12-2017 4208 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4208
24-12-2017 3993 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 3993

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412716679
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :