أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9480 - أعلمت زوجها عن ذنوبها

15-02-2019 529 مشاهدة
 السؤال :
تزوجت منذ فترة قصيرة، وفي جلسة مع زوجتي أعلمتني عن ذنوبها السابقة، ووقع في نفسي نفور منها، فماذا أصنع؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9480
 2019-02-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لَقَدِ ارْتَكَبْتَ خَطَأً كَبِيرَاً إِذْ قُمْتَ بِسُؤَالِهَا عَمَّا مَضَى مِنْ حَيَاتِهَا، وَخَاصَّةً بَعْدَ زَوَاجِكَ مِنْهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَارْتَكَبَتْ هِيَ خَطَأً كَبِيرَاً كَذَلِكَ عِنْدَمَا تَحَدَّثَتْ عَمَّا أَسْلَفَتْ مِنَ الذُّنُوبِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ القَاذُورَاتِ شَيْئَاً فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ» رواه الإمام مالك في المُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ التَّحَدُّثِ عَنْ أَخْطَائِهَا للآخَرِينَ، وَانْطَلِقْ مِنْ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَاحْذَرْ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَ أَحَدَاً عَنْهَا، وَتَذَكَّرْ كَلَامَ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَمَا قَالَ:

لِسَانَكَ لَا تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ   ***   فَـكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَللنَّاسِ أَلْسُنُ

وَعَيْنُكَ إِنْ أَبْـدَتْ إِلَيْكَ مَعَايِبَاً   ***   فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ للنَّاسِ أَعْيُنُ

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَاسْتَغْفِرِ اللهَ تعالى أَنْتَ وَزَوْجَتُكَ عَمَّا حَصَلَ مِنَ الحَدِيثِ، وَاحْمَدِ اللهَ تعالى عَلَى نِعْمَةِ الزَّوْجَةِ عِنْدَمَا صَدَقَتْكَ فِيمَا اقْتَرَفَتْ، وَصَدَقَتْكَ عِنْدَمَا تَابَتْ، وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَنْ تُصَدِّقَهَا فِيمَا أَخْبَرَتْكَ عَنْ ذُنُوبِهَا، وَلَا تُصَدِّقَهَا في تَوْبَتِهَا؛ عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ يَكُونُ هَذَا التَّفْرِيقُ؟

وَاحْذَرْ مِنْ أَنْ يَلْعَبَ بِكَ الشَّيْطَانُ، وَيُوقِعَكَ في سُوءِ الظَّنِّ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرَاً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ﴾.

وَتَذَكَّرْ حِرْصَ الشَّيْطَانِ عَلَى خَرَابِ بَيْتِكَ، لِأَنَّ هَذَا الأَمْرَ مِنْ أَعْظَمِ أَمَانِيهِ، روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئَاً.

قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ.

قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ».

قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
529 مشاهدة