أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2564 - الحكمة العقلية من تحريم ربا الفضل

25-12-2009 19912 مشاهدة
 السؤال :
أنا مؤمن بتحريم ربا الفضل، وهو بيع المال الربوي بجنسه بلا تماثل، والسؤال: ما الحكمة العقلية من ذلك؟ رجاء التفصيل.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2564
 2009-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلله الحمد أولاً وآخراً أن جعلنا ممن يؤمن بأن الحلال ما أحلَّه الله، وأن الحرام ما حرَّمه الله، ونحن لا يسعنا إلا هذا، عرفنا العلة أم لم نعرف العلة، لأنَّا عبيد لله عز وجل، وهو تبارك وتعالى سيدنا، ولا يسع العبد أمام سيده إلا أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}.

ثانياً: ربا الفضل هو التفاضل في الجنس الواحد من أموال الربا إذا بيع بعضه ببعض، كبيع درهم بدرهمين نقداً، أو بيع صاع قمح بصاعين، ونحو ذلك.

ثالثاً: الحكمة من تحريم ربا الفضل:

أ ـ تحريمه من باب سدِّ الذرائع، كما جاء في الحديث: (لا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ، وَلا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ، وَلا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ، وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا) رواه أحمد. فَمَنَعَهم من ربا الفضل خشية الوقوع في ربا النسيئة، فسدَّ عليهم هذه الذريعة، وهي تسدُّ عليهم باب المفسدة، لأن الربح المعجَّل فيها يدفعهم إلى الربح المؤخر الذي هو عين ربا النسيئة.

ب ـ حماية عامة المستهلكين الذي يذهب ربا الفضل بقيمة سلعهم الحقيقية بسبب جهلهم بقيم السلع السوقية لكل نوع.

ومثل هذا الوضع يفرض على المتبايعين أن يتساويا في معرفة قيم السلع السوقية بالنسبة لكلِّ نوع، حتى لا يخدع أحدهما الآخر عند التبادل، وهذا شرط لا يمكن أن يستوفيه إلا فئة قليلة من جمهور المستهلكين.

واليهود استغلُّوا هذا الوضع المربك للعرب الأميين عند التعامل معهم، حيث كان اليهود يأخذون من المستهلك القادر على التمييز بين أنواع التمر مثلاً مقداراً مما يعرضه عليهم من الرديء يزيد بكثير على ما يعطونه له من الجيد، وهو راضٍ بذلك، لأنه زاهد فيما عنده راغب فيما لديهم، ثم يبيعون هذا التمر الرديء بأسعار عالية للذين تتساوى الأنواع في نظرهم، لذلك حرَّم الإسلام ربا الفضل. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
19912 مشاهدة