أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6711 - رضا الله تعالى عن الصحابة ينسخ؟

04-02-2015 2909 مشاهدة
 السؤال :
لقد سمعت من بعض القوم بأن رضا الله تعالى عن الصحابة قد وقع بنص القرآن الكريم، ثم نسخ، فهل هذا صحيح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6711
 2015-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ الخَبَرَ من اللهِ تعالى غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ، قد يَنسَخُ اللهُ تعالى حُكْمَاً شَرعِيَّاً لِحِكْمَةٍ يُرِيدُهَا اللهُ تعالى، كما قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

أمَّا الخَبَرُ فَهُوَ غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ، لأنَّ نَسْخَ الخَبَرِ فِيهِ تَكْذِيبٌ للخَبَرِ السَّابِقِ، وهذا مُستَحِيلٌ في حَقِّ اللهِ عزَّ وجلَّ.

وقد أَخبَرَ رَبُّنَا عزَّ وجلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ عن رِضَاهُ عن الصَّحْبِ الكِرَامِ، من ذلكَ؛ قَولُ اللهِ تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾. والوَعْدُ من اللهِ تعالى لا يُخْلَفُ.

وقَولُهُ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. وهذا خَبَرٌ من اللهِ تعالى غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ.

وقَولُهُ تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

فَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ أَخبَرَ عن المُهَاجِرِينَ بِأَنَّهُم من الصَّادِقِينَ، وهوَ خَبَرٌ غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ، وَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ يَرضَى عن الصَّادِقِينَ.

وأَخبَرَ عن الأَنصَارِ بِأَنَّهُم من المُفلِحِينَ، وهوَ خَبَرٌ غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ، ومِمَّا لا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ رَبَّنَا عزَّ وجلَّ رَاضٍ عن المُفلِحِينَ.

وبناء على ذلك:

فالخَبَرُ من اللهِ تعالى لا يَقْبَلُ النَّسْخَ، ولا يُقَاسُ نَسْخُ الخَبَرِ على نَسْخِ الأَحكَامِ، لأنَّ نَسْخَ الأَحكَامِ ثَابِتٌ بِنَصِّ القُرآنِ الكَرِيمِ، أمَّا نَسْخُ الخَبَرِ فَهُوَ غَيرُ قَابِلٍ للنَّسْخِ، ومَا ثَبَتَ في القُرآنِ العَظِيمِ نَسْخٌ للأَخبَارِ.

فالصَّحْبُ الكِرَامُ من المُهَاجِرِينَ والأَنصَارِ قد ثَبَتَ رِضَا اللهِ تعالى عَنهُم في القُرآنِ العَظِيمِ، وأمَّا الذينَ جَاؤُوا من بَعدِهِم، إذا انطَبَقَ عَلَيهِم قَولُهُ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلَّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. فَهُم مُلحَقُونَ بالذينَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2909 مشاهدة