أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7707 - إنقاذ قريبه من المال الحرام

19-11-2016 135 مشاهدة
 السؤال :
مات قريب لي، وهو آكل أموال الناس بالباطل، فكيف أنقذه من ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7707
 2016-11-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: إِنَّ مِنْ أَخْطَرِ مَا يَلْقَى العَبْدُ بِهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، فَهَذِهِ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ تُهْلِكُ العَبْدَ، وَتُثْقِلُ وِزْرَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَتُوصِلُهُ إلى نَارِ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المَصِيرُ.

وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ التَّعَدِّي على أَمْوَالِ اليَتَامَى وَالضُّعَفَاءِ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، لِأَنَّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ تَجِدُ أَمْوَالَ المُسْتَضْعَفِينَ سَهْلَةَ المَنَالِ بِسَبَبِ ضَعْفِهِمْ وَعَجْزِهِمْ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَاً﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبَاً كَبِيرَاً﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» رواه الترمذي عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَخَذَ شِبْرَاً مِنَ الأَرْضِ ظُلْمَاً، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» رواه الشيخان عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُغْبَطَنَّ جَامِعُ الْـمَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ـ أَوْ قَالَ: مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ ـ فَإِنَّهُ إِنْ تَصَدَّقَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَمَا بَقِيَ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ» رواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثانياً: إِذَا لَمْ يَتُبِ الإِنْسَانُ مِنْ هَذِهِ المَعْصِيَةِ وَالكَبِيرَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَرُدَّ الأَمْوَالَ لِأَصْحَابِهَا، فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ للعِقَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَسَوْفَ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَهُمْ بِقَدْرِ حُقُوقِهِمْ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ وَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ.

ثالثاً: إِذَا مَاتَ العَبْدُ وَهُوَ مُصِرٌّ على الذَّنْبِ، وَلَمْ يُعِدِ الحُقُوقَ لِأَصْحَابِهَا، وَجَبَ على وَرَثَتِهِ أَنْ يَرُدُّوا الأَمْوَالَ لِأَصْحَابِهَا مِنْ تَرِكَتِهِ إِنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُمْ، وَلَو تَبَرَّعُوا بهِ مِنْ مالِهِمْ أُجِروا مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ، وَنَرْجُو أَنْ يُغْفَرَ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّ اللّٰهَ تعالى أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ.

 وبناء على ذلك:

فَيَجِبُ على وَرَثَةِ هَذَا الرَّجُلِ أَنْ يُعِيدُوا الأَمْوَالَ لِأَصْحَابِهَا، أَو طَلَبُ السَّمَاحِ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يَتْرُكِ الرَّجُلُ مَالَاً، وعلى الوَرَثَةِ أَنْ يُكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ لَهُ بِالمَغْفِرَةِ، وَلَا يَمْلِكُونَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ دَارِ العَمَلِ إلى دَارِ الجَزَاءِ.

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنَا مِنَ النَّادِمِينَ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
135 مشاهدة
الملف المرفق