أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7277 - معنى: «ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»

20-04-2016 19804 مشاهدة
 السؤال :
جاء في الحديث الشريف: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْـجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»؟ فما هو المقصود من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»؟ وهل المقصود أنه سيورثه النبوة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7277
 2016-04-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَد جَاءَ الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».

وَجَاءَ في الأَدَبِ المُفْرَدِ للإمام البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعْدِيهِ على جَارِهِ (يَطْلُبُ مِنْهُ العَوْنَ).

فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرَآهُ الرَّجُلُ وَهُوَ مُقَاوِمٌ رَجُلَاً عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ عِنْدَ المَقَامِ، حَيْثُ يُصَلُّونَ على الجَنَائِزِ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، مَنِ الرَّجُلُ الذي رَأَيْتُ مَعَكَ مُقَاوِمُكَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ؟

قَالَ: «أَقَدْ رَأَيْتَهُ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «رَأَيْتَ خَيْرَاً كَثِيرَاً، ذَاكَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ رَبِّي، مَا زَالَ يُوصِينِي بِالجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاعِلٌ لَهُ مِيرَاثَاً».

وَقَد ذَكَرَ الفُقهَاءُ وَالعُلَمَاءُ وَشُرَّاحُ الحَدِيثِ بِأَنَّ المَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». هُوَ مُوَضَّحٌ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في رِوَايَةِ الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ: «حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاعِلٌ لَهُ مِيرَاثَاً».

وبناء على ذلك:

فَالمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». يَعْنِي: ظَنَنْتُ بِأَنَّهُ سَيَأْمُرُنِي بِأَنَّهُ وَارِثٌ، بِحَيْثُ يُعْطَى مِنَ التَّرِكَةِ مَعَ الوَارِثِينَ، فَيُفْرَضُ لَهُ سَهْمٌ يُعْطَاهُ مَعَ الأَقَارِبِ، وَلَيْسَ المَقْصُودُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ النُّبُوَّةَ.

لِأَنَّ الشَّرْعَ الشَّرِيفَ أَوْصَى بِالجَارِ، وَبَيَّنَ أَنَّ الجيرَانَ ثَلَاثَةٌ، روى البيهقي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقَّانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقٌّ؛ فَأَمَّا الذي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: فَالجَارُ المُسْلِمُ القَرِيبُ لَهُ حَقُّ الجَارِ، وَحَقُّ الإِسْلَامِ، وَحَقُّ القَرَابَةِ؛ وَأَمَّا الذي لَهُ حَقَّانِ: فَالجَارُ المُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ، وَحَقُّ الإِسْلَامِ؛ وَأَمَّا الذي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ: فَالجَارُ الكَافِرُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ».

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نُطْعِمُهُمْ مِنْ نُسُكِنَا؟

قَالَ: «لا تُطْعِمُوا المُشْرِكِينَ شَيْئَاً مِنَ النُّسُكِ».

إِذَاً فَالمَقْصُودُ مِنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الحَثُّ على حُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ الجِيرَانِ بِأَصْنَافِهِمُ الثَّلَاثَةِ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الإِحْسَانُ المَادِّيُّ وَالمَعْنَوِيُّ، وَلَيْسَ كَمَا وَرَدَ في السُّؤَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
19804 مشاهدة