أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8643 - من كان آخر كلامه الشهادة

28-01-2018 2718 مشاهدة
 السؤال :
جاء في الحديث الشريف: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ». فهل يفيد هذا الحديث الشريف أنه من ختم له عليها لا يدخل النار أبداً، ويدخل الجنة ابتداءً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8643
 2018-01-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الحاكم وأبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: «مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئَاً دَخَلَ الجَنَّةَ».

قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟

قَالَ: «لَا، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا».

وروى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ».

قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.

قَالَ: «يَا مُعَاذُ».

قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ـ ثَلَاثَاً ـ.

قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ، صِدْقَاً مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟

قَالَ: «إِذَاً يَتَّكِلُوا». وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمَاً (خَشْيَةَ الوُقُوعِ في الإِثْمِ لِكِتْمَانِ العِلْمِ).

وَذَهَبَ أَهْلُ السُّنَّةِ إلى أَنَّ أَهْلَ الذُّنُوبِ مِنَ المُؤْمِنِينَ هُمْ في مَشِيئَةِ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾. وَأَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا مُوَحِّدِينَ تَائِبِينَ سَلِيمَينَ مِنَ الذُّنُوبِ، يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللهِ تعالى، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِمُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمَاً مَقْضِيَّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيَّاً﴾.

وَأَمَّا إِذَا كَانُوا مُخَلِّطِينَ ﴿خَلَطُوا عَمَلَاً صَالِحَاً وَآخَرَ سَيِّئَاً﴾. وَمَاتُوا عَلَى ذَلِكَ، مَعَ تَوْحِيدِهِمُ الصَّادِقِ فَلَا يُقْطَعُ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَلَا يُقْطَعُ كَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ ابْتِدَاءً، بَلْ يُقْطَعُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى أَنَّهُم لَا يُخَلَّدُونَ في النَّارِ، وَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ آخِرَاً.

فَالمُؤْمِنُ المُوَحِّدُ الصَّادِقُ في تَوْحِيدِهِ هُوَ مُعَافَىً يَوْمَ القِيَامَةِ ابْتِدَاءً أَو نِهَايَةً، وَلَا يُخَلَّدُ في النَّارِ، وَأَمْرُهُ إلى اللهِ تعالى.

أَمَّا مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنَ الدُّنْيَا الشَّهَادَتَيْنِ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ بِفَضْلِ اللهِ تعالى، وَلَكِنْ بَعْدَ الفَصْلِ بَيْنَ العِبَادِ، وَرَدِّ المَظَالِمِ إلى أَهْلِهَا؛ وَإِذَا شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ التَّبِعَاتِ بِفَضْلِهِ وَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ ابْتِدَاءً فَلَهُ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾.

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ نَكُونَ مِنَ النَّاطِقِينَ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ نِهَايَةِ آجَالِنَا، وَأَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا جَلَّتْ قُدْرَتُهُ الجَنَّةَ ابْتِدَاءً فَضْلَاً مِنْهُ وَكَرَمَاً. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2718 مشاهدة