140ـ مع الحبيب المصطفى: «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ»

140ـ مع الحبيب المصطفى: «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ»

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

140ـ «فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ»

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: الإسلامُ يَنظُرُ إلى المَالِ أنَّهُ وَسِيلَةٌ ولَيسَ غَايَةً من الغَاياتِ، ولا هَدَفاً من الأهدَافِ، بِحَيثُ يُفنِي الإنسانُ حَياتَهُ وعُمُرَهُ وشَبَابَهُ في جَمعِ المَالِ وتَكدِيسِهِ، الإسلامُ يَنظُرُ إلى المَالِ أنَّهُ وَسِيلَةٌ لِقَضَاءِ الحَاجَاتِ، وتَيسِيرُ أُمورِ العِبَادِ.

أيُّها الإخوة الكرام: كُلَّما عَظُمَ الإيمانُ في قَلبِ العَبدِ المُؤمِنِ كُلَّما امتَلَأَ قَلبُ صَاحِبِهِ قَنَاعَةً بما قَسَمَ اللهُ تعالى، وامتَلَأَ خَوفاً من سَخَطِ الله عزَّ وجلَّ، وكُلَّما خَوَى القَلبُ من الإيمانِ اندَفَعَ صَاحِبُهُ إلى الدُّنيا فَجَعَلَها هَدَفاً لَهُ، ونَظَرَ إلى المَالِ بأنَّهُ غَايَةٌ يَجِبُ الوُصُولُ إلَيها بأيِّ طَرِيقَةٍ وأيِّ وَسِيلَةٍ غَيرَ آبِهٍ بالحَرامِ وعَظِيمِ جُرمِهِ، وغَيرَ مُكتَرِثٍ بِوَعِيدِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، حتَّى يَدفَعُهُ إلى الوُقُوعِ في الرِّبا والعِياذُ باللهِ تعالى.

أيُّها الإخوة الكرام: إذا خَوَى القَلبُ من الإيمانِ ضَعُفَ يَقِينُ هذا العَبدِ بالقِسمَةِ الإلهِيَّةِ العَادِلَةِ، قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.ونَسِيَ بأنَّ الرِّزقَ مَقسُومٌ لا يَجلِبُهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، ولا يمنَعُهُ كُرْهُ كَارِهٍ، قال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾. وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَفَثَ رُوحُ الْقُدُسِ فِي رَوْعِي أَنَّ نفْساً لَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فَإِنَّ اللهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ونَسِيَ هذا العَبدُ بأنَّ الرِّزقَ يَطلُبُ العَبدَ أكثَرَ مِمَّا يَطلُبُهُ أجَلُهُ، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَطْلُبُهُ رِزْقُهُ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ، فَإِنْ تَعَسَّرَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنْهُ فَاطْلُبُوهُ بِطَاعَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عن الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وفي رِوَايَةٍ قال: «إنَّ الرِّزقَ لَيَطلُبُ العَبدَ أَكثَرَ مِمَّا يَطلُبُهُ أَجَلُهُ».

الرِّبا يتَنَافَى مَعَ الإيمانِ:

أيُّها الإخوة الكرام: ونَحنُ نَعِيشُ هذهِ الأزمَةَ القَاسِيَةَ التي تَمُرُّ على الأُمَّةِ، يَجِبُ عَلَينا أن نَقِفَ مَعَ أنفُسِنا وَقفَةَ العَبدِ المُتَدَبِّرِ، رَبُّنا عزَّ وجلَّ ما خَلَقَنا للشَّقاءِ في هذهِ الحَياةِ الدُّنيا، كَيفَ يَخلُقُنا للشَّقاءِ وهوَ القَائِلُ: ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾؟

نَحنُ أهلُ القُرآنِ، أهلُ الاصطِفاءِ من الله تعالى، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾. لماذا نَعِيشُ هذا الشَّقاءَ، وهذا الضَّنكَ، وهذا الكَربَ العَظِيمَ؟

أيُّها الإخوة الكرام: يَجِبُ أن نَصدُقَ القَولَ مَعَ أنفُسِنا، هذا البَلاءُ ما جَاءَ من فَرَاغٍ، بل جَاءَ من الجُرأَةِ على الأحكامِِ الشَّرعِيَّةِ، جَاءَ من الجُرأَةِ على مَعصِيَةِ الله عزَّ وجلَّ، وخَاصَّةً الجُرأَةُ على الرِّبا الذي يَتَنَافَى مَعَ أهلِ الإيمانِ.

أيُّها الإخوة الكرام: الرِّبا هوَ بَلاءٌ على الإنسَانِيَّةِ جَمعَاءَ، بَلاءٌ في إيمانِها، وبَلاءٌ في أخلاقِها، وبَلاءٌ في حَيَاتِها الاقتِصَادِيَّةِ، وهوَ يَمحَقُ سَعَادَةَ البَشَرِيَّةِ جَميعاً، على الرُّغمِ من أنَّهُ يَبدُو كَأَنَّهُ مُسَاعَدَةٌ للنُّمُوِّ وسَدٌّ للحَاجَاتِ.

الرِّبا أفسَدَ ضَمَائِرَ المُرَابِينَ وأخلاقَهُم وشُعُورَهُم تُجاهَ إخوانِهِم، وأفسَدَ حَياةَ الجَماعَةِ والأُمَّةِ وتَضَامُنَها، وأَماتَ في الأُمَّةِ خُلُقَ الإيثارِ، وجَعَلَ عِوَضَهُ خُلُقَ الأَثَرَةِ والطَّمَعِ والجَشَعِ والعِياذُ بالله تعالى.

مَوقِفُ الإسلامِ من الرِّبا:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد وَقَفَ الإسلامُ من الرِّبا مَوقِفَ الحَربِ السَّاخِنَةِ التي لا هَوَادَةَ فِيها، وشَنَّعَ على المُرَابِينَ أبلَغَ تَشنِيعٍ، وهَدَّدَهُم أعظَمَ تَهدِيدٍ، وصَوَّرَ حَالَهُم أسوَءَ تَصوِيرٍ، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. تَصَوَّروا المُرَابِينَ عِندَما يَخرُجُونَ من قُبُورِهِم كالمَجَانِينِ يَتَخَبَّطُونَ ويُقَالُ لَهُم: خُذُوا أسلِحَتَكُم للحَربِ.

كَيفَ لا يَكونُ مَوقِفُ الإسلامِ من الرِّبا هذا المَوقِفَ، وهوَ مُحَرَّمٌ في جَمِيعِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، قال تعالى في حَقِّ اليَهُودِ الذينَ لا يُؤمِنونَ إلا بالمَادَّةِ: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾.

في حَجَّةِ الوَدَاعِ:

أيُّها الإخوة الكرام: ولِخُطُورَةِ الرِّبا، وَقَفَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، حَيثُ قالَ فِيها: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم، لَعَلِّي لا أرَاكُم بَعدَ عَامِي هذا» رواه البيهقي عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ. وَدَّعَ الأُمَّةَ والبَشَرِيَّةَ بِوَصَايا، من جُملَتِها قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعاً فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ» رواه الإمام مسلم عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

تَحذِيرُ الإسلامِ من الرِّبا:

أيُّها الإخوة الكرام: لِنَسمَعْ إلى تَحذِيرِ الإسلامِ من الرِّبا، وخَاصَّةً ونَحنُ نَعِيشُ ظِلالَ حَادِثَةِ الإسرَاءِ والمِعرَاجِ في وَسَطِ هذهِ الأزمَةِ:

أولاً: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ﴾. وما أعلَنَ اللهُ تعالى حَربَهُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ على عَاصٍ سِوَى آكِلِ الرِّبا.

ثانياً: تَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دِرْهَمُ رِباً يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَنْظَلَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ثالثاً: بل تَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرِّبَا ثَلاثَةٌ وسَبعُونَ بَابَاً أَيْسَرُهَا مِثلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» رواه الحاكم عَنْ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

رابعاً: تَأَمَّلُوا حَدِيثَ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» رواه الإمام مسلم.

خامساً: وتَأَمَّلُوا قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ.

فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟

فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا» رواه الإمام البخاري عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

عَوَاقِبُ الرِّبا:

أيُّها الإخوة الكرام: الرِّبا سَبَبٌ للبَلايا الكَثِيرَةِ، والتَّعَامُلُ بِهِ جَلْبٌ لِشُرُورٍ مُستَطِيرَةٍ، ويَجُرُّ بِصَاحِبِهِ إلى عَذَابِ الخِزيِ في الآخِرَةِ، يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وتَسوَدُّ وُجُوهٌ، وعَوَاقِبُهُ وَخِيمَةٌ، ومن هذهِ العَوَاقِبِ:

أولاً: يُبعَثُ المُرَابِي من قَبرِهِ كالمَجنُونِ يَتَخَبَّطُ، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾.

ثانياً: مُحَارَبٌ من الله تعالى ورَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قال تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ﴾.

ثالثا: مَالُهُ مَمحوقُ البَرَكَةِ، قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا﴾. ويَقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلَّا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ» رواه ابن ماجه عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

رابعاً: صُبَّت عَلَيهِ اللَّعنَةُ، روى الإمام مسلم عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: لَعَنَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

خامساً: خالِدٌ في النَّارِ إذا استَحَلَّهُ والعِياذُ بالله تعالى، قال تعالى: ﴿وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: الدُّنيا حَلالُها حِسابٌ، وحَرامُها عَذَابٌ، واليَومَ عَمَلٌ ولا حَسَابٌ، وغَدَاً حِسابٌ ولا عَمَلٌ، ونِعْمَ المالُ الصَّالِحُ للعَبدِ الصَّالِحِ، فَكونوا على حَذَرٍ من الرِّبا، ومن التَّعَامُلِ بالمُعَامَلاتِ الرِّبَوِيَّةِ، صَحِّحُوا عُقُودَ البَيعِ والشِّرَاءِ، تَعَلَّمُوا أحكامَ بَيعِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والعُملاتَ، تَنَبَّهوا إلى شُرُوطِ عُقُودِ البَيعِ، كُونوا على حَذَرٍ من التَّعَامُلِ مَعَ البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ، وتَعَلَّمُوا شُرُوطَ التَّعَامُلِ مَعَ البُنُوكِ الإسلامِيَّةِ، ولا تَغُرَّنَكُمُ الأسماءُ.

اللَّهُمَّ أغنِنَا بِحَلالَكَ عن حَرَامِكَ، وبِطَاعَتِكَ عن مَعصِيَتِكَ، وبِفَضْلِكَ عمَّن سِواكَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 4/شعبان/1435هـ، الموافق: 2/حزيران/ 2014م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2341 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2341
20-06-2019 1388 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1388
28-04-2019 1171 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1171
28-04-2019 1183 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1183
21-03-2019 1791 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1791
13-03-2019 1670 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1670

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413661069
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :