أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6129 - رؤية الله في المنام

04-02-2014 14065 مشاهدة
 السؤال :
هل رؤية الله تعالى في المنام ممكنة أم مستحيلة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6129
 2014-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لقد ثَبَتَ أنَّ سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى اللهَ تعالى في المَنامِ، روى الترمذي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ـ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي الْمَنَامِ ـ.

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟

قَالَ: لَا.

قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ ـ أَوْ قَالَ: فِي نَحْرِي ـ فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ.

قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟

قُلْتُ: نَعَمْ، فِي الْكَفَّارَاتِ، وَالْكَفَّارَاتُ الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ بِخَيْرٍ، وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ.

قَالَ: وَالدَّرَجَاتُ، إِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».

وبناء على ذلك:

فإنَّ رُؤيَةَ الله تعالى في المَنامِ جَائِزَةٌ ومُمكِنَةٌ عِندَ جُمهورِ العُلَماءِ، ولكن هذهِ الرُّؤيَةُ مُندَرِجَةٌ تَحتَ قَولِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير﴾. فاللهُ تعالى لا يُشبِهُهُ شَيءٌ، ولا نَظيرَ لَهُ ولا مَثيلَ.

وكُلَّما كانَ الرَّائي من أهلِ التَّقوى والصَّلاحِ كُلَّما كانَتِ الرُّؤيَةُ أقرَبَ إلى الصَّوابِ والصِّحَّةِ، ولا يَجِبُ على المُؤمِنِ أن يُصَدِّقَ الرَّائي فيما رَأَى ما عَدا سَيِّدَنا رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّ رُؤيَةَ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّنا في المَنامِ ثابِتَةٌ وهيَ حَقٌّ.

ولْيَتَّقِ اللهَ عزَّ وجلَّ المُتَحَدِّثُ، ولْيَعْلَمْ حَديثَ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ يُرِيَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ» رواه الإمام البخاري عن وَاثِلَةَ بْن الْأَسْقَعِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وحَديثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَحَلَّمَ كَاذِباً كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَعْقِدَ بَيْنَهُمَا» رواه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما.

فالكَذِبُ في المَنامِ بِشَكلٍ عامٍّ كَذِبٌ على الله تعالى أنَّهُ أراهُ ما لم يَرَهُ، فَكَيفَ إذا كانَ الكَذِبُ في المَنامِ أنَّهُ رَأَى اللهَ تعالى، واللهُ تعالى يَقولُ: ﴿وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِين﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14065 مشاهدة