أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1823 - الفرق بين صلاة قيام الليل وصلاة التهجد

06-03-2009 25787 مشاهدة
 السؤال :
قرأت في الإنترنت أن صلاة قيام الليل هي نفس صلاة التهجد، إلا أني قد سمعت لك فتوى بهذا الموضوع (قيام الليل والتهجد) تقول بأن قيام الليل صلاة وصلاة التهجد صلاة أخرى فأرجو منك الإجابة على التالي: 1ـ كم عدد كل من صلاة قيام الليل، وعدد ركعات صلاة التهجد؟ 2ـ الشافعية يقولون بأن عدد ركعات صلاة الليل لا حصر لها، هل هذا يعني إذا صليت في الليل 30 أو 40 ركعة وأنوي كل ركعتين سنة صلاة الليل، بالرغم من أن بعض الفقهاء قالوا بأن أكثر عدد الركعات 12 ركعة، فهل إذا نويت بعد صلاة 12 ركعة بأن أصلي ركعات أكثر وأعتبرها سنة مأثورة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هل هذا جائز أم أن هذا الفعل بدعة؟ أرجو منك توضيح هذه المسالة لأن معظم مواقع الإنترنت يفتون بفتوى موحدة وهي أن صلاة قيام الليل هي نفسها صلاة التهجد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1823
 2009-03-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فصلاة قيام الليل لا خلاف فيها بين الفقهاء في أنها بعد صلاة العشاء سواء سبقه النوم أم لم يسبقه، واتفق الفقهاء على مشروعيته، وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار ـ في النافلة ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ) رواه الترمذي.

وذهب الفقهاء إلى أنه يستحب افتتاح قيام الليل بركعتين خفيفتين لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) رواه مسلم، وأقلُّه ركعتان وأكثره ثمان ركعات عند الحنفية، ولا حصر لعدد ركعاته عند الشافعية، لما رواه أحمد عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله الصلاة؟ قال: (خَيْرٌ مَوْضُوعٌ مَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ).

أما صلاة التهجُّد فهي صلاة التطوُّع في الليل بعد النوم، وذلك لما فهم التابعون الذين عولوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام ويصلي وينام ويصلي.

فالتهجُّد لا يكون إلا بعد النوم، وهو سنة في حق الأمة وذلك لقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ) رواه مسلم، والمراد بها التهجّد.

وأفضل وقت التهجد جوف الليل الآخر، لما روى أبو داود عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: (جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)؟ رواه البخاري ومسلم.

وأقلُّ التهجُّد ركعتان، واختلفوا في أكثره، فمنهم من قال: ثمان ركعات، ومنهم من قال: عشر ركعات، أو اثنتا عشرة ركعة، ولكلِّ فريق دليله.

فمن زاد عن ثمان ركعات في قيام الليل، أو زاد على صلاة التهجد أكثر من اثنتي عشرة ركعة فلا حرج، لقوله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة: (خَيْرٌ مَوْضُوعٌ مَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ)، ولقوله تعالى في الحديث القدسي: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) رواه البخاري. أسأل الله القبول. ونرجوكم دعوة صالحةً بظهر الغيب. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
25787 مشاهدة