أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1482 - ورثت مالاً فوضعته في البنك لاستثماره

25-10-2008 10154 مشاهدة
 السؤال :
أنا فتاة أعيش مع أمي الوحيدة، ولي أخ وأخت متزوجان، حصلنا على مبلغ من المال ميراثاً، ولأننا لا نستطيع استثماره وضعناه في البنك، ونأخذ فوائده لأصرف منها على دراستي الجامعية، ثم أكرمني الله بعمل أصرف راتبه على البيت مع الفوائد، ولا نستطيع إخبار أخي وأختي بهذا المال لأنه قد يذهب، وقد طلبت أمي مني عدم إخبارهم، فما حكم الشرع في هذا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1482
 2008-10-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإذا كان هذا المال ورثته أمك من أختها وأبيها وأمها فهو حقٌّ لها ولا علاقة لأولادها بهذا المال، وإذا أرادت أن تعطي أحداً من أولادها شيئاً منه فإنه يجب عليها أن تسوِّيَ بين أولادها في العطية.

أما إذا كان عطاؤها لأحد أبنائها عن حاجة فلا إثم عليها ولا حرج، {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) رواه البخاري.

فإذا أعطتك هذا المال لحاجتك إليه، وخشية عليك من المستقبل، وسائر إخوتك ميسورو الحال، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، بشرط أن تملكك هذا المال، أما أن تجعله لك بعد موتها فهذا لا يجوز، لأنك وارثة، ولا وصية لوارث إلا إذا وافق الورثة البالغون باختيارهم.

وأما وضع المال في بنك ربوي فإنه لا يجوز ولو كان أمانة، وخاصة بعد وجود البنك الإسلامي، فكيف إذا تمَّ وضعه بشرط ربوي، فالمال الذي تأخذونه على هذا المال هو الربا بعينه، الذي حذَّر ربُّنا عز وجل منه بقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون * يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُون}.

ويقول صلى الله عليه وسلم: (درهم من ربا أعظم عند الله من ست وثلاثين زنية) رواه الطبراني، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ قَالَ: قُلْتُ: وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ) رواه مسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. لذلك اعتبر الفقهاء أكل الربا من أكبر الكبائر والعياذ بالله تعالى.

لذا وجب عليكم أن تطبقوا قول الله تعالى: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُون}، فكل مال أخذتموه زيادة عن مالكم وجب عليكم أن تتخلَّصوا منه بصرفه إلى الفقراء، وأن تعزموا على عدم العودة إلى مثل ذلك، وكما يجب عليكم أن تستردوا مالكم كلَّه من البنك الربوي، وأن تثمِّروا هذا المال عند رجل أمين يتاجر فيه تجارةً مشروعة، وأسأل الله تعالى أن يبارك لكم فيه، وأن يرزقنا وإياكم رزقاً حلالاً طيِّباً مباركاً فيه. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10154 مشاهدة